قال «الطبري» في تفسير قوله تعالى: قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ الخ.
«وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على حجته على مشركي قومه من عبدة الأوثان، يقول له تعالى ذكره:
قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان، والأنداد، والآمرين لك باتباع دينهم وعبادة الاصنام معهم، أندعوا من دون الله حجرا أو خشبا لا يقدر على نفعنا، أو ضرنا، فنخلصه بالعبادة دون الله، وندع عبادة الذي بيده الضر، والنفع، والحياة، والموت ان كنتم تعقلون فتميزون بين الخير والشر، فلا شك أنكم تعلمون أن خدمة ما يرتجى نفعه، ويرهب ضره أحق وأولى من خدمة من لا يرجى نفعه، ولا يخشى ضره، ونرد على أعقابنا، أي ونرد من الاسلام الى الكفر بعد اذ هدانا الله، فوفقنا له، فيكون مثلنا في ذلك مثل الرجل الذي استتبعه الشيطان يهوي في الأرض حيران، بمعنى: تنزع اليهم وتريدهم.
وأما حيران: فانه «فعلان» من قول القائل: قد حار فلان في الطريق، فهو يحار فيه، حيرة، وحيرانا، وحيرورة، وذلك اذا ضل فلم يمتد للمحجة، له أصحاب يدعونه الى الهدى، يقول لهذا الحيران الذي قد استهوته الشياطين في الأرض: أصحاب على الحجة، واستقامة السبيل، يدعونه الى المحجة لطريق الهدى الذي هم عليه، يقولون له: ائتنا.
وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن كفر بالله بعد ايمانه، فاتبع الشيطان من أهل الشرك بالله، وأصحابه الذين كانوا أصحابه في حال اسلامه المقيمون على الدين الحق، يدعونه الى الهدى الذي هم عليه مقيمون والصواب الذي هم به مستمسكون، وهو له مفارق، وعنه زائل يقولون له: ائتنا فكن معنا على هدى، وهو يأبى ذلك، ويتبع دواعي الشيطان، ويعبد الآلهة، والأوثان أهـ (١).