واجتمع الناس له في مُصلّى الرّبض بقُرطُبة، بارزين إلى الله تعالى في جمع عظيم، وصَعد الخليفة الناصر في أعلى مصانع القصر المشرفة ليشارك الناس في الدّعاء إلى الله تعالى والضّراعة فلما سرّح طرفه في ملأِ الناس وقد شخصوا إليه بأبصارهم، قال: يا أيها الناس وكررها مشيراً بيده في نواصيهم، ثم قال:(سَلامُ عَلَيْكُمْ كتب رَبُّكُمْ على نَفسِهِ
الرَّحْمَةَ أنه مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سوءاً بِجَهَالَةٍ، ثُمَّ تَابَ من بَعْده، واَصْلَحَ فإنّه غَفُورُ رحيم)، (أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ، إنْ يَشَأ يُذْهِبكُم ويأتِ بِخَلقٍ جَديد، وما ذلك على اللهِ بِعَزيز) فضج الناس بالدّعاء وارتفعت الأصوات بالاستغفار والتضرّع إلى الله تعالى بالسؤال والرّغبة في إرسال الغيث ووصل الحال، ومضى على تمام خطبته، فأفزع النفوس بوعظه، وانبعث الإخلاص