للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان لمصلحة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، دون أي تنازل مبدئي يقدمه لهم؛ إنما كانت حصافتة السياسية وحنكته تدفعهم إلى هذه المواقف.

فلنقف قليلا أمام هذه الحصافة مع رواية ابن إسحاق المذكورة عن لقاء عتبة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواية أخرى أوثق في مسند عبد بن حميد وأبي يعلى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

اجتمعت قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه. فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد. فأتاه عتبه فقال. يا محمد، أنت خير أم عبد الله (يعني أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أنت خير أم عبد المطلب؟. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت. وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك. إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك. فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب. لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض في السيوف حتى نتفانى. أيها الرجل، إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش. وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغت؟! قال: نعم. فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم) .. حتى بلغ (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود). فقال عتبة: حسبك حسبك. ما عندك غير هذا؟ قال لا.

<<  <   >  >>