للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: التحالف في مرحلة تأسيس الدولة]

ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني شيبان، ومر بعقبة منى فسمع أصوات رجال يتكلمون، فعمد إليهم حتى لحقهم، وكانوا ستة نفر، من شباب يثرب، كلهم من الخزرج. وهم: أسعد بن زرارة، وعون بن الحارث (ابن عفراء)، ورافع بن مالك بن العجلان، وقطبة بن عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله بن رئاب.

قال ابن إسحاق: لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج. قال: أمن موالي يهود؟ قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه. فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن. وكان مما صنع الله به من الإسلام أن يهودا كانوا معهم في بلادهم، كانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم في بلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبيا مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.

فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا يسبقنكم إليه. فأجابوه بأن صدقوه وقبلوا ما عرض عليهم من الإسلام.

وتمت ـ[الخطوة الأولى]ـ بعد جولة صعبة وطويلة قضاها في العرض على القبائل. وليس في هذه المجموعة قيادات مثل قيادات شيبان، لكن خط الهدى لا يتوقف على نوعيات خاصة بل هو مبذول لكل راغب. وقد كانت سورة عبس درسا ربانيا للرسول صلى الله عليه وسلم في أن يدعو الناس كافة.

<<  <   >  >>