للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا إنكم تكلمونه به إلا كلمته (١). فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخض معركة جانبية حول أفضليته على أبيه وجدة أو أفضليتهما عليه. ولو فعل ذلك لقضي الأمر دون أن يسمع عتبة شيئا.

ولا خاض صلى الله عليه وسلم معركة جانبية حول العروض المغرية، وغضبه الشخصي لهذا الاتهام. إنما ترك ذلك كله لهدف أبعد. وترك عتبة يعرض كل ما عنده حتى انتهى.

وبلغ من أدبه صلى الله عليه وسلم أن قال: أفرغت يا أبا الوليد؟ فقال: نعم.

لقد كان الهدف الأبعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة تبليغ الدعوة. وعتبة مختار قريش للمفاوضة، فهو أعلمها بالسحر والشعر والكهانة. ولو انشغل النبي صلى الله عليه وسلم في أية معركة جانبية مما ذكرنا لامتنع عليه تحقيق هدفه.

والخطة السياسية الحكيمة للحركة الإسلامية تقتضي منها هذا الاقتداء وهذه الحصافة، بحيث تبلغ هدفها الذي تريد دون أن تستهلك بمعارك جانبية. وتقتضي منها كذلك تحييد من تستطيع من العدو. فإن عتبة وإن لم يسلم فقد انسحب من المعركة. وانسحابه يعني انسحاب عشيرته من خلفه.

المرحلة الرابعة: حصار الشعب.

كان ذلك ردا على التحالف العلني الذي قام بين بني هاشم وبني المطلب، مسلمهم ومشركهم لحماية الرسول صلى الله عليه وسلم: (فلما رأت


(١) السيرة النبوية لابن محمد بن عبد الوهاب [ص:٩٣].

<<  <   >  >>