السوار بالمعصم، وسط هذا الخضم انبثقت دولة الإسلام الأولى في التاريخ، ولنتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم معالم طريقنا الذي نخوضه اليوم وسط بحرين كبيرين، بحر من الدماء، وبحر من الأعداء.
لقد كان المسلمون البالغ عددهم بضعا وسبعين ضمن وفد من المشركين قوامه نحو ثلاثمائة وهذا يعني صعوبة الحركة والتنقل والاتصال. فما من مسلم إلا وحواليه عدد من المشركين يراقب تنقلاته وتحركاته. ومع ذلك فلقد كانت السرية المضروبة على التحركات خلال الحج من أعجب المخططات الناجحة. تمت الاتصالات بين قيادة مكة المسلمة الممثلة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقيادة المسلمين في المدينة، وتم تحديد مكان اللقاء، وتم دخول بعض الأعداد الجديدة في الإسلام خلال هذه الأيام المعدودة. ولعل من أهم أحداث هذه الأيام انضمام زعيمين من أكبر زعاء المدينة للإسلام هما: البراء بن معرور عبد الله بن عمرو بن حرام.
يحدثنا كعب بن مالك فيقول: خرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه ولم نره من قبل، فلقينا رجلا من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تعرفانه؟ فقلنا: لا. قال: فهل تعرفان عمه العباس؟ قلنا: نعم- وكان العباس لا يزال يقدم علينا تاجرا- قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس. فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس معه. فسلمنا ثم جلسنا إليه. فقال عليه الصلاة والسلام لعمه: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه. وهذا كعب بن مالك. فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟! قلت: نعم. فقال له البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا، وقد هداني الله للإسلام، فرأيت أن لا