للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن إبن عباس - رضي الله عنه - قال: ((ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءة على قبر -وهو لا يحسب انه قبر- فإذا فيه انسان يقرأ سورة "تبارك الذي بيده الملك" حتى ختمها فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله اني ضربت خبائي على قبر وانا لا احسب انه قبر فإذا فيه انسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هي المانعة هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر")) (١).

فها هي سورة الملك تدافع عنك وتناضل حتى تحجب عنك العذاب -ان شاء الله تعالى- كما جاء في الحديث: ((يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك .... )) (٢).

وصح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ"قل هو الله احد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة اخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمة اصحابه فقالوا: انك تفتح بهذه السورة ثم لا ترى انها تجزئك حتى تقرأ باخرى فاما ان تقرأ بها واما ان تدعها وتقرأ باخرى فقال: ما أنا بتاركها، ان احببتم ان اؤمكم بذلك فعلت وان كرهتم تركتم، وكانوا يرون انه من افضلهم وكرهوا ان يؤمهم غيره فلما اتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبروه الخبر فقال: يا فلان ما يمنعك ان تفعل ما يامرك به اصحابك؟ ويحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: اني احبها. فقال: حبك أياها أدخلك الجنة)) (٣).

قال الحافظ إبن حجر:- ((والحاصل على الفعل المحبة وحدها، ودلّ تبشيره له بالجنة على الرضا بفعله، وعبر بالفعل الماضي في قوله "ادخلك" وان كان دخول الجنة مستقبلاً تحقيقا لوقوع ذلك)) (٤).

وليس المراد من محبة القرآن، أو تلاوته، أو حفظه،- كما مر معنا في الأحاديث -ليس المراد منها المحبة المجردة أو التلاوة المجردة أو الحفظ المجرد -قطعاً- لان هذا يتعارض


(١) انظر تخريجه لاحقاً برقم (١٢٨).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٩٨.
(٣) انظر تخريجه برقم (١٢٥).
(٤) فتح ااباري ٢/ ٣٢٩، وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري ٨/ ٢١٣.

<<  <   >  >>