للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: الاحتساب:

((أي ان يصبر راضياً بقضاء الله راجياً فضله)) (١) وقد ورد هذا الشرط في عدة احاديث كما مرت: ((من احتسب ثلاثة من صلبه ... )) (٢) و ((لا يموت لاحد اكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة ... )) (٣)، وكذلك ما جاء في الحديث القدسي: يقول الله تعالى: ((مالعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)) (٤).

وكل ما ورد من الأحاديث الأخرى والتي لم تشترط هذا الشرط فهي مطلقة، وهذه الأحاديث مقيدة فنحمل المطلق على المقيد حتى يمكننا الجمع (٥).

والاحتساب يرجع إلى نية وقصد الشخص وكما هو مقرر من القواعد الشرعية ان الثواب لا يترتب إلا على النية فلا بد من قيد الاحتساب (٦). ومذهب الكثير من أهل اللغة: ان يقال في موت الولد البالغ احتساب وفي الصغير افترط (٧).

وقد رد الحافظ إبن حجر على هذا القول فقال: ((لا يلزم من كون ذلك هو الاصل ان لايستعمل هذا موضع هذا، بل ذكر: احتسب فلان بكذا: طلب اجراً عند الله، وهذا اعم من ان يكون لكبير أوصغير وقد ثبت ذلك في الأحاديث التي ذكرناها وهي حجة في صحة هذا الاستعمال)) (٨).

بل ان أهل اللغة يعتمدون اعتماداً كبيراً على الأحاديث النبوية في استنباط معاني الالفاظ. والاحتساب على موت الإبناء لابد ان يكون عند الصدمة الاولى يقول - صلى الله عليه وسلم - ((انما الصبر عند الصدمة الاولى))، أما أن يجزع الإنسان ويعترض على قضاء الله وحكمه في أول الامر ثم يصبر ويحتسب بعد ذلك فهو وان كان له اجر إلا انه اخلَّ بشرط من شروط "شفاعة الصبر على موت الاولاد" فلا يحضا بها إلا من شاء الله.

أخرج الشيخان وغيرهما من حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً ((مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمرأة


(١) فتح الباري٣/ ١٥٤ بتصرف يسير.
(٢) انظر تخريجه برقم (١٥٢).
(٣) انظر تخريجه برقم (١٥٧).
(٤) انظر تخريجه برقم (١٤٤).
(٥) انظر فتح الباري٣/ ١٥٤.
(٦) انظر فتح الباري٣/ ١٥٤.
(٧) انظر تاج العروس١٩/ ٥٣٧، مادة فرط، وترتيب القاموس المحيط، الزاوي٣/ ٤٧٤.
(٨) فتح الباري ٣/ ١٥٤، وانظر عمدة القاري، العيني ٨/ ٢٩.

<<  <   >  >>