للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك إبن بطال (١) فقال: ((سلم بعض المعتزلة وقوع الشفاعة ولكن خصها بصاحب الكبيرة الذي تاب منها وبصاحب الصغيرة الذي مات مصر عليها (٢) وانكر إبن حجر العسقلاني على القاضي عياض قوله أن المعتزلة مقرة بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع الدرجات (٣).

ويرى القارئ لمذهب المعتزلة في الشفاعة انهم يثبتونها ولكن في اطار ضيق جدا، يقول القاضي عبد الجبار:- ((فعندنا أن الشفاعة للتائبين من الموئمنين)) (٤) ويبدو أن سبب تبني المعتزلة هذا المذهب المتشنج من الشفاعة بناءً على موقف المرجئة (٥) من أنَ ((الأيمان هو: المعرفة بالله والخضوع له وترك الأستكبار عليه والمحبة بالقلب فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وما سوى المعرفة من الطاعة فليس من الأيمان، ولا يضر تركها حقيقة الأيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الأيمان خالصا واليقين صادقا،)) (٦) فعندهم - ((المرجئة)) - أن كل عبد مات على التوحيد لم يضره ما فعل من المعاصي (٧) وكذا فأن إقرار المعتزلة بالشفاعة لأهل الكبائر يعني نقض أصولهم في الوعد والوعيد والعدل (٨).

ويستقبح المعتزلة الشفاعة لأهل الكبائر حيث "أن شفاعة الفساق الذين ماتوا على الفسوق ولم يتوبوا تتنزل منزلة الشفاعة لمن قتل ولد الغير وترصد للآخر حتى يقتلهُ، فكما أن ذلك يقبح فكذلك ههنا " (٩) ووجه استدلالهم في إنكارها مبني على ((أن العقوبة تستحق على طريق الدوام فكيف يخرج الفاسق من النار بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحال ما تقدم ومما يدل على ذلك قوله تعالى " واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً " (١٠)،


(١) انظر ترجمته في ملحق الاعلام.
(٢) فتح الباري، إبن حجر ١١/ ٥٢٢ وانظر عون المعبود، العظيم ابادي ١٣/ ٧٢.
(٣) انظر فتح الباري /سبق، وللاستزادة انظر شرح مسلم /النووي ٣/ ٣٥.
(٤) شرح الاصول الخمسة ٦٨٨.
(٥) انظر ترجمة الفرق لاحقاً.
(٦) الملل والنحل المطبوع بهامش الفصل، الشهرستاني ١/ ١٨٧.
(٧) أنظر االملل والنحل، ١/ ١٨٧، والمواقف، الايجي ٤٢٧، والعقيدة الإسلامية، محمد عباش ص٢٩٩.
(٨) أنظر العقيدة الأسلامية، محمد عياش ص٢٩٩.
(٩) شرح الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار ص٦٨٨.
(١٠) البقرة /٤٨.

<<  <   >  >>