للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جلاله سأفصل بين العباد أو سآتي لأقضي بينهم أو غيرها من الألفاظ ... بل على العكس فان جمهرة الأحاديث فيها أنه بعد سجوده لله ليفصل بين العباد يقال له: ((قلْ يسمع لك، واشفعْ تشّفعْ. فارفع رأسي فأحمد ربي بتحميدٍ يعلمني ثم اشفع فيحد لي حداً ثم اخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ... )) (١)، أو ما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحم فدفع إليه منها الذراع ... والحديث طويل وفيه ((يا محمد ارفع راسك سل تعطه، اشفعْ تشفَعْ فاقول يا رب امتي .. امتي فيقال: ادخل من امتك من لا حساب عليه من الباب الايمن من أبوب الجنة ... )) (٢) الحديث ... وغيرها من الأحاديث الأخرى.

فلم يرد حديث صحيح يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد السجود يشفع لفصل القضاء، في حين أن اصل سجوده هو ليشفع للناس، بعد أن طافوا على الانبياء ... وهذا اشكال قوي فكيف الخروج منه؟ بل لقد اعترض الحافظ إبن كثير في كتابه- النهاية في الفتن والملاحم- بقوله: ((والعجب كل العجب من ايراد الائمة بهذا الحديث من اكثر طرقه لا يذكرون امر الشفاعة الأولى في أن يأتي الرب لفصل القضاء، كما ورد هذا في حديث الصور كما تقدم وهو المقصود، ومقتضى سياق الحديث أن الناس انما يستغيثون إلى آدم طمعاً في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم ذلك كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه ... )) (٣). وهذا الحديث -حديث الصور- حديث ضعيف (٤) وان كان لبعض الفاظه شواهد صحيحة (٥).

ونقل الحافظ إبن حجر عن الداودي (٦) القول: ((كأن راوي هذا الحديث ركب شيئاً


(١) انظر تخريجه برقم ... (١١).
(٢) انظر تخريجه برقم ... (١٠).
(٣) النهاية في الفتن ١/ ٢٠٤ وانظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز، بتحقيق الارنؤوط ١/ ٢٨٥ والاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى ٣/ ١٢٦١.
(٤) اخرجه الطبراني -في الكبير - ٢٥/"٢٣٧"، والطبري في تفسيره ٢/ ٣٣٠ - ٣٣١ و ٣٠/ ١٨٦ - ١٨٨ وإبن كثير في تفسيره ٢/ ١٤١ - ١٤٢ وانظر تخريج احاديث الطحاوية للشيخ الالباني برقم (٢٣٢)
(٥) انظر تفسير القرآن العظيم إبن كثير ٢/ ١٤١
(٦) انظر ترجمته في ملحق الاعلام

<<  <   >  >>