للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على غير اصله)) (١). ووافق الإمام النووي القاضي عياضاً في قوله: ((وقد جاء في حديث حذيفة بعد هذا الحديث نفسه قال)) فياتون محمداً - صلى الله عليه وسلم - فيقوم ويؤذن له وترسل الامانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً فيمر أولهم كالبرق، وساق الحديث. وبهذا يتصل الحديث، لان هذه هي الشفاعة التي لجأ الناس اليه فيها، وهي الاراحة من الموقف والفصل بين العباد، ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في امته - صلى الله عليه وسلم - وفي المذنبين، وحلت الشفاعة للانبياء والملائكة وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم كما جاء في الاحاديث الاخرى.

وجاء في الأحاديث المتقدمة في الرؤيا وحشر الناس اتباع كل امة ما كانت تعبد ثم تمييز المؤمنين من المنافقين ثم حلول الشفاعة ووضع الصراط.

فيحتمل أن الأمر باتباع الامم ما كأنت تعبد هو أول الفصل والإراحة من هول الموقف، وهو أول المقام المحمود وان الشفاعة التي ذكر حلولها هي الشفاعة في المذنبين على الصراط وهو ظاهر الأحاديث ومنها لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولغيره كما نص عليه في الأحاديث ثم ذكر بعدها الشفاعة في من دخل النار وبهذا تجتمع متون الحديث. (٢)

وقد علل الإمام القرطبي ذلك بقوله: ((يدل على انه شفع في ما طلب من تعجل حساب أهل الموقف فانه لما امر بادخال من لا حساب اليه من امته فقد شرع في حساب من عليه حساب من امته وغيرهم)) (٣).

وقال إبن كثير تعليقاً على هذا الاشكال: ((وكأن مقصود السلف في الاقتصار على هذا

المقدار من الحديث هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، الذين أنكروا خروج احدٍ من النار بعد دخولها)) (٤).

والراجح في هذه المسألة ما قاله إبن حجر: ((كأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الاخر)) (٥)، وعلى أية حال فان اصل شفاعة الموقف متفق عليه كما قدمنا.

وقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) فتح الباري ١١/ ٥٣٤.
(٢) شرح مسلم ٣/ ٥٧ - ٥٨ وانظر فتح الباري ١١/ ٥٣٥ وعمدة القاري، العيني ٢٣/ ١٢٧
(٣) التذكرة ٢٨١، وانظر فتح الباري ١١/ ٥٣٦
(٤) النهاية في الفتن ١/ ٢٠٤ وانظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق، الارنؤوط ١/ ٢٨٦
(٥) فتح الباري ١١/ ٥٣٥.

<<  <   >  >>