للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشيء من أوامر الشرع، ولا نقول: إنه ليس بواجب، أنت لست مستغنٍ عن الثواب.

وفي الحقيقة، هذا كان منهج الصحابة في التعامل مع أوامر النبي -صلى الله عليه وسلم، لم يدخلوا إلى المسألة من باب: هل هذا واجب أو غير واجب؟ وإنما يكفيهم شرف الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولذلك مثلًا لم نسمع أن صحابيًّا لم يكن ملتحيًا مثلًا؛ لأنهم لم يدخلوا إلى الأمر بالمناقشة التي تُجرى الآن: واجبة أو غير واجبة؛ إنما النبي -صلى الله عليه وسلم- ملتحٍ فليقتدوا به، يلبسون كما يلبس، ينامون كما ينام، يأكلون كما يأكل، يعني: يتتبعون هديه في كل صغيرة وكبيرة بشغف وحب وتقدير واحترام، ورغبة صادقة في هذا الائتساء العظيم؛ رجاء ما عند الله، وأن يفوزوا، وأن ينالوا القرب من النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة وشفاعته بإذن الله -تبارك وتعالى-.

أيضًا، من الأحاديث التي تدل على وجوب اتباع السنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث حقيقة خطير وهام، حديث حذيفة -رضي الله تبارك وتعالى عنه- في الصحيحين، وهو حديث فيه فوائد عظيمة وجليلة، لكني سأقتصر على الجزء الخاص بمتابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومتابعة القرآن الكريم، هذا الحديث يقول حذيفة -رضي الله تعالى عنه- في مطلعه: ((حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال)) يعني الفطرة أمانة التكاليف بمعنى: أن الله فطرنا عليها وعلى معرفتها، إما أن نطبق بعد ذلك أو لا نطبق، ((حدثنا أن الأمانة نزلت في جَذر)) جَذر وجِذر، يجوز فتح الجيم وكسرها، وهي الجذر: أصل كل شيء، كما هو أصل النبات هو أصل كل شيء، محل الشاهد: ((ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة))، السنة تُشرّع كما يُشرع القرآن الكريم تمامًا، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة.

<<  <   >  >>