المحور الثالث من محاور العلاقة بين القرآن الكريم والسنة النبوية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد:
فلا يزال حديثنا موصولًا عن المحور الثالث من محاور العلاقة بين القرآن الكريم والسنة المطهرة:
وهي أنها تشرِّع وتؤسّس للناس أحكامًا لم يسبق لها ذكرٌ في القرآن الكريم، وهي في هذا واجبة الاتباع تمامًا مثل القرآن الكريم يعني: السنة تُوافق القرآن الكريم، وتُؤكد أحكامه، تُبيِّن القرآن الكريم بأنواع البيان التي أشرنا إليها، وقبل ذلك وبعد ذلك ومع ذلك هي تشرِّع كما يشرِّع القرآن الكريم تمامًا.
بعض الأمثلة لتشريعات السنة المطهرة التي لم يسبق لها ذكر في القرآن الكريم:
من هذه الأحكام التي أسَّستها السنة المطهرة، وشرَّعتها "زكاةُ الفطر" مثلًا، الذي أوجبها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبخاري -رحمه الله تعالى- روى بسنده إلى عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال:((فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحرِّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة)) الذي فرض هو رسول الله، هكذا جاءت الرواية في الصحيحين، الحديث رواه البخاري -رحمه الله تبارك وتعالى- في كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر، واللفظ الذي أوردناه هنا هو لفظ البخاري -رحمه الله تبارك وتعالى- من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما.
وزكاة الفطر واجبة تمامًا مثل زكاة المال، ولها تفصيلاتها في كتب الفقه، أبين أهميتها، وأنها واجبة، وتستقر في ذمَّة المسلم، وعليه أن يؤدِّيها؛ بل إن هناك من العلماء من قال: يُقاتل مانعها كما يقاتل مانع الزكاة تمامًا بتمام وسواء بسواء؛