للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الر حمن الرحيم

الدرس الرابع عشر

(دفع الشبهات المثارة حول حُجية السنة المطهرة (٧))

بقية الأدلة على حجية خبر الواحد عند الشافعي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:

فيستمر الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في استعراض أدلة وجوب خبر الواحد: يروي بإسناده عن الإمام مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: كنت أسقي أبا طلحة وأبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب شرابًا من فضيخ وتمر -يعني: شراب يتخذ من البسر أي: التمر المشقوق- فجاءهم آتٍ فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها. فقمت إلى مهراس لها؛ فضربتها بأسفله حتى تكسرت ... المهراس: عبارة عن حجر مستطيل ومنقور من وسطه كأنه آنية يتوضأ منه وتطحن فيه الأشياء -مثل: الهون، في لغة المصريين التي يطحن به الأشياء- فقام أنس بن مالك أمسك بهذا المهراس وكسر به الجرار التي هي مملوءة بالخمر استجابة لأمر أبي طلحة الذي نفذ الأمر حين سمعوا من يقول لهم: إن الخمر قد حرمت.

أيضًا، وجه الدلالة على أن الذي أخبرهم بتحريم الخمر واحد وهم يشربون، وبدون تردد قاموا وكسروا الجِرار.

يعبر الإمام الشافعي -رضي الله عنه- بأسلوبه العظيم يقول: وهؤلاء في العلم والمكان من النبي وتقدم صحبته في الموضع الذي لا ينكره عالم، وقد كان الشراب عندهم حلال يشربونه، فجاءهم آتٍ وأخبرهم بتحريم الخمر؛ فأمر أبو طلحة -وهو مالك الجرار- بكسر الجرار، ولم يقل هو ولا هم ولا واحد منهم: نحن على تحليلها حتى نلقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قربه منا أو يأتينا خبر عامة -يعني الخبر المتواتر-.

<<  <   >  >>