الوجه، فيما رواه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- لمن سمع حديثًا من النبي -صلى الله عليه وسلم- فأدَّاه كما سمعه من غير زيادة ولا نقصان، فرب مبلغ أوعى من سامع، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.
إذن، الأمة وعت دور السنة وأهميتها، وأن القرآن لا يفهم بدونها، وأن الإسلام لا يُطبَّق بدون فهم القرآن الكريم وبدون السنة المطهرة، فلذلك حرصت على السنة وعضت عليها بالنواجذ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((ليبلغ الشاهد الغائب)) يعني: كل من بلَغه حديث أو شهد واقعة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع حديثًا عليه أن يبلغه للأجيال اللاحقة حتى تتواصل الأمة بكل أجيالها عبر القرون، وإلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها على حب الله -تبارك وتعالى- وحب النبي -صلى الله عليه وسلم، وحب سنته، وضرورة تطبيقها في حياته.
ولذلك انعقد الإجماع على ذلك، على حجية السنة، وعلى ضرورة الالتزام بها، وعلى استقلالها بالتشريع.
قد نقرأ نقاشات، مثلًا يُناقش البعض أحيانًا: هل الذي جاءت به السنة ينبثق عن أصل قرآني أو لا ينبثق؟
هذا نقاش في نظري لا يغير من جوهر الحقيقة شيء، وهو أنه يجب اتباع السنة، وأن السنة تستقل بالتشريع؛ فسواء انبثق الحكم النبوي الذي جاء في السنة عن أصل قرآني، أو لم ينبثق هذا النقاش، لا يُغيّر في المسألة شيء، فهو حكم جديد.
فمثلًا، حين يحرم القرآن الكريم الجمع بين المرأة وأختها:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}(النساء: ٢٣) وحين جاءت السنة لتحرم الجمع بين المرأة وعمتها، فإن ذلك يراه البعض منبثقًا عن أصل قرآني، ويراه البعض