للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنة المطهرة- وإلا لما كان هناك معنى؛ لأن السنة غير المحفوظة -على زعمهم- تُبيّن نصًّا محفوظًا اعترفوا هم بحفظه فقط دون السنة المطهرة، ما قيمة حفظ المبيَّن إذا لم يحفظ المبيِّن الذي بينه؟! اللهم إلا إذا نازعوا في أن السنة تبين القرآن الكريم، وحينئذٍ يتصادمون مع القرآن نفسه كما أوردنا قبل ذلك.

على أن الذكر في آية الحجر: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} كثيرٌ من العلماء قال: بأن المراد به القرآن والسنة، المراد به رسالة الإسلام، وقالوا: إن الآيات التي وردت تبين هذا، ويقصدون سياق الآيات التي تكلمت عن الكافرين، وأنهم يستهزئون بالقرآن الكريم: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُون * وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ * وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: ٣: ٩) هؤلاء السفهاء من الكفار يستهزئون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتهمونه بالجنون، وما دام مجنونًا فإن الذي أتى به -سواء من القرآن أو من السنة- لا يمكن أن يكون محفوظًا، ولا له قيمة؛ لأنه صدر عن شخص مجنون، فدافع الله -عز وجل- عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- بقوله- سبحانه وتعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

فسياق الآيات يُشعر بأن الذكر المراد في الآية إنما هو القرآن والسنة؛ أي: كل الذي نطق به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجاء به من عند الله -تبارك وتعالى- ردًّا على هؤلاء الكافرين المستهزئين الذين سخروا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتهموه بالجنون -قاتلهم الله وانتقم منهم بقوته سبحانه وتعالى-.

وهذا الفَهم كثير من العلماء قاله، وقالوا: إن المراد أيضًا بـ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الضمير في "له" يعود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي: نزلنا الذكر

<<  <   >  >>