إذن، لو قلت بأن علينا بيانه مقصود بها الله -عز وجل- تعارضت مع القرآن الكريم من زاويتين:
الزاوية الأولى: آية النحل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وأيضًا في سورة القيامة: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} قبلها قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} والله -عز وجل- لم يجمع القرآن؛ بمعنى أنه لم يجمعه الجمع المعروف أنه جمع الآيات ... ، الوحي كان ينزل بها إلى كذا، لكن لم يوجد بيننا كتاب يقول: هذا جمع الله -تبارك وتعالى- للقرآن الكريم، إنما كان يوحى به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يبلغ الأمة بترتيب الآيات وترتيب السور، ثم إن الكل يعلم أن الخليفة الأول -رضي الله عنه- هو الذي جمع القرآن كله، ثم جاء الخليفة الثالث -رضي الله عنهم أجمعين- وجمع الأمة على مصحف عثمان الذي نعرفه جميعًا.
إذن، من يشاغب في هذا فإنه لا يشاغب معنا إنما يعاند القرآن الكريم، فهذا يتصادم مع القرآن الكريم، وكما حفظت الأمة القرآن الكريم فهي أيضًا حفظت السنة المطهرة بوسائل متعددة وبجهد جبار في ذلك يُدرّس في مواد خاصة في مادة مثلًا تاريخ السنة أو مناهج العلماء، نتتبع فيه جهد الأمة في صيانة السنة المطهرة.
إذن، وضح من خلال آيات القيامة أنها تحتوي على الدليل القاطع الأكيد في حفظ الله -تبارك وتعالى- للسنة المطهّرة.
وأشرنا إلى أن السنة وحيٌ من عند الله رب العالمين، هذا ثابت بالقرآن والسنة، في قوله -تبارك وتعالى-: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}(النجم: ١: ٥){وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} -صلى الله عليه وسلم- {إِنْ هُوَ} أي: كل ما ينطق به: {إِلَّا وَحْيٌ} هذا أسلوب قصر عن طريق النفي والاستثناء، يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق إلا بوحي من الله -تبارك وتعالى- سواء كان من القرآن الكريم أو من السنة