ويزعم ما لا دليلَ له عليه؛ إذ كيف يطلب منا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نتمسك بالسنة وأن نعض عليها بالنواجذ في الوقت الذي لم تحفظ فيه، وهي عرضة للتغيير أو للتبديل أو للزيادة أو النقصان إلى آخره؟!.
هذا دليل من السنة أيضًا ونضم إليه كل الأدلة التي تطلب منا اتباع السنة، كيف يأمرنا باتباع ما لم يحفظ؟ وكيف يستقيم هذا الأمر مع شيء غير محفوظ؟
كما قلنا مرارًا: المناقشة في البدهيات مضيعة للوقت والجهد، لكن الأمر لأنه دين ولأنه دفاع عن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فنحن نتوقف مع هذه الأفهام التي لم توفق إلى الفهم الصحيح لكتاب الله -تبارك وتعالى- ولسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) من أطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الجنة يطيعه في شيء غير محفوظ، ويعلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الجنة والنار على ذلك؟ إلا إذا كان الله -تبارك وتعالى- قد حفظها كما حفظ القرآن الكريم.
نختم هذه النقطة بالإشارة إلى مسألة مهمة، وهي أيَضًا تتضمن دليلًا على حفظ السنة المطهرة، وهو تتبع جهد الأمة في صيانة السنة، نستطيع أن نسميه بالدليل التاريخي أو الدليل الواقعي، تتبع جهد الأمة في الحفاظ على السنة، البعض يتصور أن تعرض السنة للوضع وللشبهات ولإثارة البلبلة نحوها دليلٌ على أنها لم تحفظ، بالعكس، هذا من أقوى الأدلة على حفظها. يعني: حاولوا ولم يتمكنوا، من الذي قال: إن العصمة للسنة أو الحفظ لها يقتضي ألا تتعرض أبدًا لأي محاولات للنيل منها؟ بل كيف تظهر قيمة الحفظ وقيمة الرعاية والعناية من الله -تبارك وتعالى- لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لم تتعرض السنة لمحاولات؟
كمثال توضيحي يقرب المسألة إلى الأذهان، حين قال الله -تبارك وتعالى-: