للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به إلا بصارف شرعي كأن يكون منسوخًا مثلًا، أو عامًّا وخُصص، حتى النووي -رحمه الله- لما تكلم من وجهة نظره عن أن خبر الآحاد يفيد الظن حكى إجماع العلماء على أن الأمة يجب عليها العمل بما غلب على ظنها ... ليس شرطًا أن أصل إلى درجة القطع لأعمل بمضمون الخبر، هذا أمرٌ مقرر للعلماء.

مثلًا، حين يخبرنا مخبر أنه قد رأى هلال شوال أو هلال رمضان: في هلال رمضان يجب على الأمة أن تصوم، ومن أصبح مفطرًا بعد أن تأكدنا من عدالة الناقل للخبر بأنه رأى الهلال سيفطر يومًا لا يجوز فطره وله عقوبته المقررة عند العلماء في كتب الفقه، وكذلك أيضًا من صام حين يُرى هلال شوال سيصوم يومًا حرم صيامه على المسلمين بإجماع الأمة على ذلك، والحج ينبني على ما يراه الرائي بالنسبة لهلال شهر ذي الحجة ... البينات ... الأحكام من الحدود وغيرها ... مثلًا حين يشهد اثنان بأن فلانًا قتل فلانًا وتأكد القاضي من عدالة الرواة سيقتص منه، والاثنان خبر آحاد، والواحد الذي رأى الهلال خبر آحاد، والحدود كلها؛ حتى أشد الحدود أو أكثر الحدود طلبًا للعدد: وهو حد الرجم طُلِب فيه أربعة شهود؛ كما ورد في القرآن الكريم؛ حتى الأربعة على الرأي الأغلب عند العلماء ليس خبرًا متواترًا؛ إنما هو أيضًا خبر آحاد؛ وإنما زاد العدد في الأغراض لأنها مبنية على الصيانة والتحوط.

يشهد اثنان عليّ بأنني مدين بمبلغ كذا لفلان ... متى اطمأن القاضي لعدالة الرواة؛ حكم بأن المبلغ عليّ، ولا يحتاج الأمر إلى إقراري، وعليّ أن أؤدي المبلغ كما ذكره الشهود إلخ ... إلخ ...

أمور كثيرة جدًّا من أحكام الفقه والشرع تنبني على خبر الآحاد، وهذا يؤكد ما ذكرناه من أن الأمة يجب العمل عليها بخبر الآحاد.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <   >  >>