للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعجبني تشبيه ساقه أحد الكتاب في بعض كتبه يحاول أن يستدل بالتطور الإعلامي، أو بالحيل الفنية -كما يقولون- التي يصنعونها، يعني: مثلًا نتصوَّر أن رجلًا يلبث ثوبًا ناصعَ البياض نقيًّا جميلًا، لكن فيه بقعة صغيرة، المصور التلفازي مثلًا يعمد إلى هذه البقعة الصغيرة فيملأ بها الشاشة، يكبرها، ويكبرها، فيملأ بها الشاشة؛ ليتصور الناظر أن الثوب كله غير نظيف. هذه من الخدع، هذا ما يفعله أعداء الإسلام ليس مع السنة فحسب، بل مع التاريخ الإسلامي، يتصيدون واقعة يرون فيها أن بعض الحكام مثلًا قد أخطأ، هذا هو تاريخ الإسلام!! هؤلاء هم حكام المسلمين!! نزوات إيماء غناء رقص استمتاع!! هم يستدلون بهذه الحوادث على أنه قد حدث تطور وأن العلماء يضعون الأحاديث للحكام يهيِّئون لهم الذي يعملونه من أخطاء، أو يصوبونه لهم.

الدولة الأموية على أقصاها قد وقعت، هي دولة الإسلام، ودولة فتوحات، ودولة جهاد، ودولة أقيمت لتشريع الله، وتحكيم للقرآن والسنة، كل ذلك حقيقة مؤكدة، ولذلك كانت بلادًا يمدُّها الله بالخير من كل الجهات، وكذلك الدولة العباسية الأولى على الأقل لم يكونوا بحاجة إلى أن يضعوا أحاديث تساندهم، بالعكس، كانوا هم الحكام حراسًا على الحديث، علماء المسلمين كانوا يستعينون بالحكام على مقاومة الوضَّاعين، كانوا يشتكون إلى الحكام صنيعَ الوضاعين حينما هبت الأمة لمقاومة الوضع، والحكام كانوا يُعاقبون هؤلاء الوضَّاعين بعقوبات شديدة، ولنا في ذلك قصص، الحكام مع الأمة يسيرون في خط واحد وهو الحفاظ على القرآن والسنة، وليس هذا فحسب؛ بل والاستمداد من القرآن والسنة، ولا يحتكمون إلى شرع غير القرآن وغير السنة المطهرة.

إذن فلا التطور الطبيعي كان سببًا في أن وضعت أحاديث كما يقولون؛ لأن أكبر ردٍّ على هذا هو ثبات المجتمع الإسلامي في كل أرجاء الدولة الإسلامية، على

<<  <   >  >>