أم لم تثبت؟ لكن أن يقال: إن هناك حوادث تاريخية حدثت ويستدلون بها على ما يريدون أن يصلوا إليه بدون توثيق بهذه الأمور، فهذا ما يُرَدّ عليه فيه.
أيضًا من العوامل الباطلة أن حملة الإسلام من الصحابة والتابعين كانوا جنودًا للأمراء في ذلك، والعجيب أنهم يختارون أسماء هي من عمد الرواية وأركانها، وهم من الورع والتقوى بحيث لا تتطرق إليهم أدنى شبهة، بل إن قلوب الأمراء كانت تمتلئ مهابةً لهؤلاء العلماء، يختارون الزهري مثلًا ويتكلمون عنه، والزهري محمد بن موسى بن شهاب الزهري أحد كبار علماء الرواية، وأحد أركانها المولود سنة ٥٠ هجرية، والمتوفى سنة ١٢٤، أو ١٢٥ هجرية -رضي الله عنه وأرضاه- وهو واحد من علماء الأمة الكبار، هل أنتقل إلى ذكر قصص في ورعه في مهابة الأمراء له في استعلائه بإيمانه، وبورعه، وبتقواه، وبخشيته لله -عز وجل- وبحبه للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أيِّ طُرَّهات مما يزعمون.
أنا أحيل إلى ترجمة ابن شهاب الزهري، ولا أريد أن أستطرد إلى الكلام عن الزهري، والأمر لو كان كتابًا واسعًا لترجمنا للزهري، ولذكرنا مواقفه التي فيها صيانة الدين، وصيانة السنة، وصيانة الشريعة إلى آخره.
هناك أقوال في وصول الزهري إلى دمشق، يعني بعد وفاة عبد الملك التقى به قليلًا إلى آخره.
أولًا عبد الملك بن مروان -رحمه الله تعالى- مات سنة ٨٦ هجرية، وكان عمر الزهري ٣٦ سنة؛ لأنه مواليد ٥٠ هجرية وعاش الزهري بعد عبد الملك يخدم السنة أكثر من ٤٠ سنة مع كثير من الأمراء من بعد عبد الملك: الوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، وكلهم كانوا في موقع التلاميذ بالنسبة له، الذين يحسنون الاستماع إليه والتلقي عنه، ويقدرون قدره، ويُنزلونه منزلته،