للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقانون الله -عز وجل- فيجري الله -عز وجل- على يد البشر ابتكارات تنفعهم في أمور دينهم ودُنياهم، من تحسينهم مواد التربة، من البذور التي تُنتج غلة أكثر من المواد التي تخلو من المضار، يوفقهم الله إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

أما أن يدخل العقل فيما ليس له فيه، فهذا من باب إقحام العقل فيما ليس له، وقطعًا سيضل العقل وسيشقى ويُشقي صاحبه، ويسير به إلى طريق الضلال والغواية، هذه من البداهيات التي لا بد أن يصطلح عليها البشر جميعًا، كيف يتكلم العقل مثلًا في أمور ما وراء الطبيعة كما يقول الفلاسفة، أو غيرهم، يعني: كيف يتكلم في العالم الذي لا يراه؟ كيف يتكلم عن الغيبيات؟ كيف يتكلم عن الوحي؟ كيف يتكلم عن القبر وما يحدث فيه وهو لم يره؟ كل ذلك لا مجالَ للعقل فيه، كيف يتكلم عن القيامة ومشاهدها من بعث، وحشر، وجنة، ونار؟ وكل ذلك يعتمد على الأدلة النقلية المسموعة من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة.

أنتَ لا تستطيع أن تتكلم فيها بعقلك، العقل هنا لا يصلح أن يكون مقياسًا أبدًا لمعرفة الصواب والخطأ في هذه الأمور، كيف سيتكلم، هل هناك أحد ذهب إلى القبر وعاد ليخبرنا ماذا فيه؟ هل هناك أحد رأى مشاهد الآخرة التي لم تحدث بعدُ، ورأى الحساب، والميزان، والصراط، والحشرَ، والشفاعة، والجنة، والنار، والحوض، وما إلى ذلك، وجاء لينكر أو ليوافق؟ كل ذلك لا يصلح، أنا أحترم العقل حين أضعه في الدائرة التي يستطيع أن يعمل فيها، وأنا أهينه وأنزل من قدره حين أضعه فيما ليس له من تخصصه، سيتيه، سيضرب في بيداء من الجهل والظلمات والضلالات، سيصل إلى نتائج ربما تصل إلى الإلحاد والإنكار، هذا أمور بدهية.

<<  <   >  >>