مكذوب ويردُّونه، وإذا تكلمنا فيهم؛ نحن عقولنا مظلمة، ومغلقة، وضيقة، ولا تتسع للرأي الآخر، بل إنهم أخيرًا من يقول: حتى تفسير القرآن لا نريد تفسيرًا. كل واحد يقول في القرآن بفهمه، والسنة ليست قاضية على الكتاب، أيُّ عبث هذا، وأي فوضى هذا، وإلى أي طريق يريدون أن يصلوا بنا؟
ملامح أو بعض معالم المدرسة العقلية، تتمثل -كما قلت- في تحكيم العقل في النص هذا واحد، وأن العقل قاضٍ على النص، النص هو القاضي، وأن العقل يحاول أن يفهم، وأنه لا مصادرة للعقول في فهم النص، والقاعدة الشرعية المعروفة: لا اجتهادَ مع النص. يعني: لا يقول النص شيئًا ونقول نحن غيره، وقاعدة: لا اجتهادَ مع النص، لا تغلق البابَ أمام قاعدة أخرى تفتح الباب للفهم والاجتهاد، الاجتهاد في النص أي: في فهم النص، ماذا يريد النص أن يقول؟ كيف نطبقه؟ نحن نجتهد في فهمه لنطبقه، لا لنعارضه، ولا لنبعتد عنه، لنطبقه بفهم جيد يكون أقرب ما يكون إلى مراد الله -عز وجل- مثلًا:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(النساء: ٤٣) ملامسة النساء من نواقض الوضوء، الذي يقول: إن ملامسة النساء غير ناقضة هذا يجتهد مع النص، لا اجتهادَ مع النص، يقول النص شيئًا، وهو يقول غيره يقول: إن الملامسة غير ناقضة، لكن أن يقول: ما المراد بالملامسة؟ هذا هو الاجتهاد في النص، والباب مفتوح فيه إلى يوم القيامة في ضوء القواعد المقررة عند علماء الشرع، أو عند العلماء في ضوابط الاجتهاد والمجتهدين.
إذن العقل له ميدانه في فهم النص في الكون الفسيح إلى آخره، لكن أن يشرع العقل، أن ينظر العقل في النص، وأن يكون قاضيًا عليه؛ هذا ما لا يقول به عاقلٌ أبدًا، ولن نقبله مهما كان.