أيضًا لما رجعوا، وهذا عند البخاري: من رواية جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- ((لما كذبتني قريش)) حين عاد من رحلة الإسراء والمعراج حَدّث بها كذبوه، يقول:((كُرِبْتُ لذلك)) يعني تَأَلَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- لتكذيبهم، وقالوا: صِفْ لنا بيت المقدس، مع أنهم يعلمون أنه لم يكن ذاهبًا في رحلة سياحية، ليعد عدد الأبواب في المسجد الأقصى، أو عدد الشبابيك أو لون الجدران، هو ذاهب لمهمة نبوية، مهمة دعوية.
لما كرب لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- ماذا فعل الله له؟ جَلَّا له بيت المقدس، -حمل له بيت المقدس- يقول:((فَطَفِقْت أنظر أخبرهم عن آياته))، يقول:((جَلّا الله)) في رواية يقول: ((جَلَا)، يجوز التخفيف هنا، التشديد:((فَجَلّا الله)) أي: أظهر وأوضح لي بيت المقدس، ((فَطَفِقْتُ أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه)) يخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن علاماته وهو ينظر إليه -صلى الله عليه وسلم-.
إذن المعجزة بدأت بشق الصدر، والبُراق هي أيضًا معجزة تضمنت في طياتها معجزات، ثابتة من حيث الصحة بأقصى درجات الصحة، وبإجماع الأمة، وبتلقي الأمة لها بالقَبُول، هل العقل له مدخل؟ هذا ما يجعلنا نُلحّ على حدود إعمال العقل.
والمعجزات يُعرفها العلماء: بأنها أمر خارق للعادة، يُظهره الله على يد نبي؛ تأييدًا لدعوته وتأكيدًا لنبوته، وتصديقًا له في كل ما يخبر به عن الله -عز وجل- إذًا هي أمر خارق للعادة، أمر لا يناقش بالعقل؛ لأنها فوق العقل، وفوق التصور العقلي، وحين يدخل العقل ويُقْحِم نفسه في مناقشة هذه الأمور، هذا ما نُلحّ عليه كثيرًا هو تَدَخُّل فيما ليس من دائرة عمله، وما ليس له فيه، وهو مخطئ أشد الخطأ حين يفعل ذلك، أنت تُصدِّق النبي أو لا تصدقه أنت حر، لكن أن تصدقه