للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هيئة رجل لم يَعْرِف سيدُنا موسى أنه ملك الموت، وأنه رأى رجلًا دخل منزله بغير إذنه، فدافع عن نفسه، فلطم عينه ففقأها من غير قصد منه، وهذا أيضًا رأي ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-.

هناك أيضًا توجيه آخر، واعتبره القرطبي أقوى الآراء في فَهم المسألة: وهو أن ملك الموت لم يخيِّرْ سيدنا موسى في قضية الموت.

ومن بيْن الشُّبَه التي ذكرناها هناك من تساءل: هل ملائكة الموت يخيِّرون الناس أو يستأذنونهم قبل قبض أرواحهم؟ هذا ثابت بالنص في حق الملائكة، الحديث في الصحيحين رواه البخاري ومسلم: ((إن الله تعالى لا يقبض روح نبي حتى يُخيِّره)). وأيضًا هذا ثابت في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله خيَّرَ عبدًا، فاختار ما عند الله)) ول ذلك حتى هذا الحديث لمَّا سمعه أبو بكر -رضي الله عنه- بكى، وتعجب الناس من بكاء أبي بكر، هذا الحديث مرويّ في (الصحيحين) في فضائل أبي بكر -رضي الله تبارك عنه- ومن رواية أبي سعيد الخدري، يقول: "تعجبنا من بكاء أبي بكر، النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحدث عن رجل خيَّره الله، فاختار ما عند الله، اختار الرفيق الأعلى، فلماذا يبكي أبو بكر؟ لكن فهِمْنا بعد ذلك أن هذا الرجل الذي خُيِّر هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلمنا أن أبا بكر -رضي الله عنه- هو أعلمنا". هذا من الأدلة التي يستدلون بها على أن أبا بكر -رضي الله عنه- هو أعلم الصحابة.

لكن محل الشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خُيِّر، وأيضًا في (الصحيحين) في مرض موته: ((بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى ((.

وواضح جدًّا في الرواية أن سيدنا موسى لم يخيره الملك، ليس في الرواية نصٌّ أبدًا يفيد أن الملك خيَّره وأنه أعلمه أنه ملك الموت، ثم بعد ذلك فعل به سيدنا موسى ما فعل، كل ذلك ليس واردًا في الرواية، وتحميل الرواية ما لم يَرِد فيها تحميل

<<  <   >  >>