من علاماتها من غير أن يتكلم عن وقتها المحدَّد الذي لا يعلَمه إلا الله -عز وجل-.
إذن هناك غيب انفرد الله بعلمه، وهناك بعض الغيب علَّمه لبعض الرسل فقط، وأقول: فقط، حتى لا يزعم زاعم أو يتخرص كما يفعل الدجالون، وكذا ... وحتى لو كان من الصالحين، أو هكذا يبدو، وزعم أنه يعلم الغيب فزعمه هذا مردود عليه، والآية واضحة في هذا، وإنما أظهر الله بعض غيبه لبعض رسله -كما قلت- من باب تأكيد رسالتهم، وإثبات صدقهم في نبوتهم، والذين يجادلون في هذا إنما يجادلون في أمر هو من حقائق النبوة؛ حتى يكذبوا النبوة نفسها.
نسأل الله -عز وجل- أن يعصمنا من ذلك.
توقفنا عند هذه النقطة بالذات؛ لأنها كانت المستند الأول لإنكارهم كثيرًا من أحاديث الغيبيات: فيما يتعلق بعذاب القبر، فيما يتعلق بالشفاعة، فيما يتعلق بنزول عيسى -عليه السلام- فيما يتعلق بنزول المهدي.
وأختم الكلام وأقول: متى ثبتت صحة الرواية فعلى العين وعلى الرأس، الأساس الذي بنوا عليه رفضهم هو هذا.
أهم ما يستند إليه المستندون في الرفض أنها تتعارض مع الغيب الذي انفرد بعلمه الله، فنقول: هذا مما أخبر الله تعالى به، ولا يوجد شيء أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بأمور الناس وحياتهم إلا وحدَثَ عن الوجه الذي أخبر به -صلى الله عليه وسلم-. في بدر وضع يده وقال:((هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان))، من أبي جهل وغيره ... يقول الراوي:"والله ما عدا أحدهم المكانَ الذي حدده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
هذا الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى:((إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يأتي الملك ويؤمر ... )) إلى آخر الأحاديث، أحاديث غيبية كثيرة تتعلق بالمستقبل: