واجتناب نواهيه، ولذلك كما قلنا في سورة النساء:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(النساء: ٥٩) لماذا آثر التعبير بالرسول؟ ولم يقل: فردوه إلى الله وإلى محمد؟ لإغلاق الباب أمام أي زاعم يزعم: أن محمدًا قد مات، فانقطع الرد إليه بموته، نفس القضية هنا في سورة الأحزاب "لقد كان لكم في محمد أسوة حسنة" لا. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، إذن بما أن رسالته مستمرة فالائتساء به مستمرٌ إلى يوم القيامة، ولو جاءت الآية "لقد كان لكم في محمد" لربما زعم زاعم من المعاندين دائمًا يقول: إن محمدًا قد مات، فالأسوة به قد انقطعت بموته، لكن رسالته باقية، وسنته قائمة؛ فالائتساء بهما قائم إلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها.
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} والخطاب هنا للمؤمنين، ومعنى ذلك: أنهم قد يتخلون عن منهج الإيمان إذا لم ينفّذوا هذا الأمر الإلهي الكريم، وهو حصر الأسوة في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وفي سورة الأحزاب أيضًا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}(الأحزاب: ٧٠، ٧١) الفوز العظيم الذي لا تصور لعقل بشري لمداه مرتبط بطاعة الله -تبارك وتعالى- وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم، وهذا الفوز يستمر بصاحبه إلى أن ينجيه الله تعالى من النار، وأن يدخله الجنة كما ورد في قوله -تبارك وتعالى- في سورة آل عمران:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}(آل عمران: ١٨٥)، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}(الأحزاب: ٧١).
أيضًا في سورة الفتح: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ