اللمحة الحادية عشر: في المرثيات من بين من رثى العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عمر التنلاني العبقري الكبير والشاعر البليغ الشيخ السيد محمد بن المبروك البداوي رثاه بقصيدة رائعة من بحر الوافر:
ألا يا مصر قد ازددت فخرا ... بحبر حل مقبرة المنوفي
بعيد زيارة الهادي المنبأ ... من حج البيت حقا بالوقوف
نضلع بالعلوم وكان دهرا ... يدرسها القريب مع الضيوف
ويشد بالنوازل كل يوم ... فيكشف ما علييها من نصيف
ويصدع بالحقيقة من أباها ... وأبغضها على رغم الأنوف
فكم من معضلات قد توارت ... عن العلماء في معنى الحروف
فأوضحها وبينها وصارت ... ذكاء دون مزن أو كسوف
وكم من سنة غبرت وضلت ... أزال قناعها بعد الخسوف
فسيماه السماحة والحياء ... رفيع القدر ذو جسد نحيف
فما من حاجب يثنيك عنه ... ولا عون يروع لدى العطوف
إذا ما قال قال الحق جهرا ... ومهمى عاهد الرحمن يوف
فيوم البين منه قد دهانا ... وفوضنا الأمور إلى اللطيف
وصرنا نرتجي الإياب منه ... لدى فصل الشتاء أو الخريف
فأفجأ نعيه والموت حق ... فقدنا عالما حبرا وصوف
أبا زيد وضيء الوجه فهو ... سراج قد أضاء على ألوف
رحيب الفهم منبع كل علم ... ومنجى كل دان أو شريف
توفي في مساكن مصر فجرا ... وكم صلت عليه من صنوف