للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا هو الذي دعا بعض العلماء أن يشدد في النكير على القائلين بالمجاز.

وإلا لو كان الأمر مجرد اصطلاح لغوي لا يترتب عليه خوض في مسائل الشريعة لهان الخطب، ولا حصل فيه كبير خلاف ولكن لما أدرك بعض العلماء خطورة ذلك وكثرة المبتدعين به سارعوا إلى إنكاره؛ سداً للذريعة، وعلي رأس هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية×في مواطن كثيرة من كتبه، وإن كان قد قال بالمجاز في إحدى مراحل عمره.

يقول الشيخ عبد المحسن العسكر حفظه الله في مقدمة مخطوطة له عن المجاز: =وأحسب أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد قال بالمجاز في إحدى مراحل عمره، فقد رأيت في (محاسن التأويل) لجمال الدين القاسمي (ت ١٣٣٢هـ) ما هذا نصه:

=قال ابن تيمية في بعض فتاواه: نحن نقول بالمجاز الذي قام دليله، وبالتأويل الجاري على نهج السبيه، ولم يوجد في شيء من كلامنا وكلام أحد منا أنا لا نقول بالمجاز والتأويل، والله عند لسان كل قائل، ولكن ننكر من ذلك ما خالف الحق والصواب، وما فتح به الباب إلى هدم السنة والكتاب، واللحاق بمُحرِّفة أهل الكتاب.

والمنصوص عن الإمام أحمد وجمهور أصحابه أن القرآن مشتمل على المجاز، ولم يعرف عن غيره من الأئمة نص في هذه المسألة.

وقد ذهب طائفة من العلماء من أصحابه وغيرهم، كأبي بكر بن أبي داود، وأبي الحسن الخرزي، وأبي الفضل التميمي، وابن حامد وغيرهم إلى إنكار أن يكون في القرآن مجاز.

وإنما دعاهم إلى ذلك ما رأوه من تحريف المحرفين للقرآن بدعوى المجاز، قابلوا الضلال بحسم المواد، وخيار الأمور التوسط، والاقتصاد.

وبعد أن نقل الشيخ العسكر هذه الفتوى قال: =ومع أنني لم أهتد إلى هذه الفتوى في حظانها من المطبوع من مؤلفات شيخ الإسلام وفتاواه فإن عدم اهتدائي هذا لا ينفي وجودها في كتابات الشيخ مطلقاً.

بَيْدَ أني مطمئن غير مرتاب في نسبة هذا الكلام إلى شيخ الإسلام×وذلك لما يلي:

١_أن المطبوع من أعمال شيخ الإسلام لا يمثل إلا القليل مما كتب في حياته كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>