للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال القائل: بنيت الحجرة بيدي فلابد أن يكون باشر البناء بنفسه. إذا قال: هذا البيت بَنَتْه يداي يفهم منه أنه بناه بماله، وفرق بين التركيبين+ ا. هـ.

وبالجملة، فالأمثلة على هذا النحو كثيرة جداً أو من خلالها يظهر أن نصوص الصفات لا تقبل المجاز من جهة نظمها، وتركيبها، وإضافتها إلى الله عز وجل.

كيف وأهل السنة مجمعون على الإقرار بأسماء الله تعالى وصفاته وحملها على الحقيقة لا المجاز؟ !

٣_أما القول بأن الألفاظ كلها حقيقة أو أن تقسيمها إلى حقيقة ومجاز تقسيم حادث لم تعرفه العرب فذلك يحتاج إلي نظر.

فإن أريد بذلك أن العرب لم يضعوا هذا المصطلح فنعم.

وإن أريد نه لا يوجد في كلامهم مجاز فهذا غير صحيح، بل الشواهد من كلامهم على استعمال المجاز أكثر من أن تحصر، وذلك مما استفاض به النقل عن علماء اللغة.

ثم إن القول إن هذا الاصطلاح لم يعرف إلا بعد القرون الثلاثة المفضلة غير مُسَلَّم به؟ فقد تلكم بالمجاز غير واحد من علماء اللغة في أوقات القرون المفضلة؟ ومن هؤلاء أبو زيد القرشي المتوفي سنة ١٧٠هـ.

ومن أهل اللغة من يعبر عن المجاز ب: (التوسع والسعة في الكلام) .

٤_وأما القول بأن إطلاق المجاز يفضي إلى وصف الله بالمتجوز وذلك لا يصح فيجاب عنه: بأنه لا يلزم ذلك لأن هذا الإطلاق لا يكون إلا بدليل.

ثم إن إطلاق المجاز على اللفظ في بعض استعمالاته اصطلاح، ولا يلزم إضافة المعاني الاصطلاحية إلى الله تعالى وإلا ففي القرآن سجع، وأمثال، فهل يقال في حق الله تعالى: الساجع، والممثل؟

هذه بعض حجج القائلين بمنعه ورد القائلين به على سبيل الإيجاز.

ثالث عشر: خاتمة الحديث عن المجاز: وبعد أن وقفت عن شيء من أمر المجاز وما جاء في الخلاف حول إثباته أو نفيه يتبين لك أن أعظم الأسباب التي دعت إلى نفيه وإنكاره أن أهل التعطيل اتخذوه مطية لتحريف بعض نصوص الشرع لاسيما في باب الصفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>