للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المشركين يرده المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يُردُّ، وأول من نُفِّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فردّه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد محاورة عظيمة، وحينئذ غضب الصحابة لذلك حتى قال عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألست نبي الله حقّاً؟ قال: ((بلى) قال: ألسنا على الحقّ، وعدوُّنا على الباطل؟ قال: ((بلى) قال: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: ((إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري) قال عمر: فَعَمِلْتُ لذلك أعمالاً، فلما فرغ الكتاب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فشكا ذلك فقالت: انحر واحلق فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً (١)، فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد الفتح في السنة الثامنة.

وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهيل بن حنيف - رضي الله عنه -: ((اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردّ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لرددته)) (٢). وهذا يدل على مكانة الصحابة - رضي الله عنهم - وتحكيمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، برقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية، برقم ١٧٨٤.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الجزية والموادعة، باب رقم ١٨، برقم ٣١٨١، ومسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية في الحديبية، برقم ١٧٨٥/ ٩٥.

<<  <   >  >>