(٢) وتمام الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً)). [أحمد في المسند ٢/ ٣٧١، ٤٤٠، وأبو داود، برقم ٢٨٦٠، وحسن إسناده العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٣/ ٢٦٧، برقم ١٢٧٢. وللحديث شاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن)) [النسائي، برقم ٤٣٠٩، وأبو داود بلفظه، برقم ٢٨٥٩، والترمذي برقم ٢٢٥٦، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٥٥٢، وفي غيره. * ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من اتبع الصيد غفل)) أي لازم اتباع الصيد، والاشتغال به، غفل عن طاعة الله؛ لأن قلبه يشتغل به، ويستولي عليه، حتى يصير فيه غفلة، وربما = = يغفل عن الجمعة والجماعة، أما من احتاج إلى ذلك ولم يشغله عن طاعة الله عز وجل، فلا يدخل فيه، والله أعلم. * ... قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من سكن البادية جفا: أي غلظ قلبه وقسا؛ لأن سكان البادية لا يخالطون العلماء إلا قليلاً، فلا يتعلمون مكارم الأخلاق، ورأفة القلب على صلة الأرحام والبر، والغالب عليهم أن طباعهم كطباع الوحوش؛ لقلة علمهم، ولبعدهم عن الناس. * قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أتى أبواب السلاطين افتتن)) أي صار مفتوناً في دينه؛ لأنه إن وافقه في كل ما يأتي ويذر فقط خاطر على دينه، وإن خالفه فقد خاطر على دنياه، ولا شك أن المحذور في ذلك: الموافقة على ما لا يرضي الله عز وجل، أو الطمع الزائد في الدنيا، أما من دخل عليهم من باب النصح والتعاون على البر والتقوى، والحذر [والتحذير] من كل ما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا من أعظم القربات، ومن أفضل الجهاد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الدين النصيحة)) قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) [رواه مسلم برقم ٥٥]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)) أو ((أمير جائر)) [أبو داود، برقم ٤٣٤٤، والترمذي برقم ٢١٧٤ بلفظ: ((إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر)) وابن ماجه برقم ٤٠١١ بلفظ أبي داود إلا أنه لم يذكر كلمة أو ((أمير)) والحديث صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب ٢/ ٥٧٣]. وانظر في شرح المعاني السابقة: تحفة الأحوذي للمباركفوري ٦/ ٥٣٢، وفتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود، لأمين محمود خطاب السبكي ٣/ ١١٧، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق، ٨/ ٦١].