للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثيراً ما يُقْرَنُ الاستغفار بذكر التوبة، فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح، وقد وعد اللَّه في سورة آل عمران (١) بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه، ولم يصرَّ على ما فعله، فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا المقيد، وأما استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب، فهو دعاء مجرَّد، إن شاء اللَّه أجابه، وإن شاء ردَّه، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة (٢)، فعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر اللَّه لكم، ويل لأقماع القول (٣)، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون)) (٤).

وإن قال أستغفر اللَّه وأتوب إليه فله حالتان:


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٣٥.
(٢) جامع العلوم والحكم، ٢/ ٤٠٧ - ٤١١.
(٣) جمع: قمع كضلع وهو الإناء الذي يترك في رؤوس الظروف لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان شبه أسماع اللذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يحفظونه ولا يعملون كالأقماع التي لا تعي شيئاً مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجازاً كما يمر الشراب في الأقماع اجتيازاً.
(٤) أخرجه أحمد، ٢/ ١٦٥، ٢١٩، برقم ٦٥٤١، و٧٠٤١، ورواه البخاري في الأدب المفرد، برقم ٣٨٠ وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ١/ ١١٢، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص١٥١، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٤٨٢.

<<  <   >  >>