للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَنْبَغِي للملوك والسلاطين أَن ينصبوا على أَبْوَابهم حاجبا، أَو صَاحب قصَّة، مُعْتَمدًا متدينا، خَالص الِاعْتِقَاد، كي يعرض الْوَزير أَحْوَال أَرْبَاب الْحَوَائِج، وأحوال المظلومين إِلَى الْحَاجِب، والحاجب يعرض جَمِيع ذَلِك، إِمَّا بالقصة أَو بالرسالة إِلَى حَضْرَة الْملك.

وَيَنْبَغِي للْملك أَن يعلم أَن قَضَاء حوائج الرّعية من الْأُمُور الْوَاجِبَة عَلَيْهِ ويعد الْملك قَضَاء حوائج الْخلق غنيمَة عَظِيمَة على نَفسه، كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر: " إِذا أحب الله عبدا أَكثر حوائج الْخلق إِلَيْهِ ".

فمهما كَانَ لأحد من الْمُسلمين حَاجَة إِلَى الْملك، يَنْبَغِي للْملك أَلا يشْتَغل بنوافل الْعِبَادَات عَن قَضَائهَا، فَإِن قَضَاء حوائج الْمُسلمين أفضل من نوافل الْعِبَادَات.

وَيَنْبَغِي للملوك والسلاطين، أَن ينصبوا فِي ولايتهم قَاضِيا عَالما، متدينا، محترزا عَن أكل الْحَرَام والشبهات، وَيكون صَالحا، ذَا مُرُوءَة وإنصاف، لَا يطاول يَده على مَال الْأَيْتَام وميراثهم، وَلَا يَأْخُذ الرِّشْوَة، ويقنع بوظيفة نَفسه وَعِيَاله من بَيت المَال، وَيقطع طمعه عَمَّا فِي أَيدي النَّاس.

وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يكون خَادِم القَاضِي عَالما، متدينا، صَالحا، زاهدا، لَا يجور فِي الدَّعَاوَى، وَلَا يطْمع طَمَعا فَاسِدا، وَلَا يبطل الْحق، وَلَا يحِق الْبَاطِل بل يَجْعَل كتاب الله نصب عينه.

سُئِلَ أردشير بن بابك: أَي الْأَصْحَاب يصلح للْملك؟ فَقَالَ: الْوَزير الْعَاقِل، المشفق، الْأمين، الصَّالح، الْمُدبر، ليدبر الْملك مَعَه أَمر المملكة، وَيسر إِلَيْهِ بِمَا فِي نَفسه.

<<  <   >  >>