للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فِي الْبُغَاة

غلب الْبُغَاة على الْمَدِينَة، واستعملوا عَلَيْهَا قَاضِيا مِنْهُم، فَقضى بأَشْيَاء، ثمَّ ظهر أهل الْعدْل، ينفذ قضاياه قَاضِي الْعدْل، إِذا كَانَ حَقًا، أَو مُخْتَلفا فِيهِ.

وَأهل الْبَغي: كل فِئَة لَهُم مَنْعَة، ويقاتلوننا بِتَأْوِيل، أَي قَالُوا: الْحق مَعنا، وادعو الْولَايَة حَتَّى لَو لم يَكُونُوا متأولين لم يَكُونُوا بغاة.

وَيحل لأهل الْعدْل قتال أهل الْبَغي، فَالْحَاصِل تغلب قوم مُسلمُونَ على بلد، وَخَرجُوا عَن طَاعَة الإِمَام دعاهم الإِمَام إِلَى الْجَمَاعَة، وكشف عَن شبهتهم الَّتِي استندوا لَهَا فِي خُرُوجهمْ عَن طَاعَة الإِمَام، وَلَا يبْدَأ الإِمَام الْبُغَاة بِقِتَال، بل الإِمَام يبْدَأ أَولا بكشف شبهتهم، لِأَنَّهُ أَهْون على الإِمَام، فَإِن بَدَأَ الْبُغَاة بِالْقِتَالِ قَاتلهم حَتَّى يفرق جمعهم.

وَإِذا أصَاب أهل الْعدْل كرَاع الْبُغَاة، وسلاحهم، يجوز أَن يستعملوها فِي قِتَالهمْ، فَإذْ فرغوا عَن الْقِتَال ردوهَا عَلَيْهِم، وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: لَا يجوز.

وَإِذا بلغ الإِمَام أَن الْبُغَاة يشْتَرونَ السِّلَاح، ويتأهبون لِلْقِتَالِ، يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يَأْخُذهُمْ ويحبسهم، حَتَّى يقلعوا عَن ذَلِك، ويحدثوا تَوْبَة، دفعا للشر بِقدر

<<  <   >  >>