للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَائِدَة: " فِي الْفرق بَين الْإِقْرَار وَالْهِبَة "

رجل قَالَ: جَمِيع مَا أملكهُ لفُلَان، فَهَذَا هبة، حَتَّى لَا يجوز بِدُونِ الْقَبْض.

فرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا قَالَ: جَمِيع مَا يعرف وينسب إِلَى لفُلَان، حَيْثُ يكون إِقْرَارا. وَالْفرق: أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ: أملكهُ، وَهَذَا الْملك قَائِم حَقِيقَة، لَا يصير لغيره إِلَّا بالتمليك، فَيكون هبة، وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ: جَمِيع مَا يعرف بِي وينسب، وَمَا يعرف بِهِ وينسب إِلَيْهِ يجوز أَن يكون ملك غَيره، فَيكون إِقْرَارا.

قَالَ لآخر: حللني من كل حق لَك عَليّ، فَفعل، وأبرأه فَهَذَا على وَجْهَيْن: أما إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِمَا عَلَيْهِ، أَو لم يكن فَفِي الْوَجْه الأول: برِئ حكما وديانة.

وَفِي الْوَجْه الثَّانِي: برِئ حكما، وَهل يبرأ ديانَة أم لَا؟

عِنْد مُحَمَّد: لَا يبرأ، وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله يبرأ، وَعَلِيهِ الْفَتْوَى، لِأَن الْإِبْرَاء إِسْقَاط، وجهالة الْإِسْقَاط لَا يمْنَع صِحَة الْإِسْقَاط، وَصَارَ كالمشتري إِذا أَبْرَأ البَائِع عَن الْعُيُوب، صَحَّ، وَإِن لم يُفَسر الْعُيُوب، كَذَا هُنَا.

الَّذِي لَا يقدر على اسْتِيفَاء دينه، فإبراؤه أفضل تخليصا من الْعَذَاب.

وَلَو قَالَ: جعلتك فِي حل السَّاعَة، فَهُوَ فِي حل فِي الدَّاريْنِ.

وَإِذا مَاتَ طلب الدّين، وَلم يصل إِلَى ورثته، فَعَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن سَلمَة رحمهمَا الله: أَنه يكون للْمَيت، مَعَ أَنه لَو أدّى إِلَى الْوَرَثَة يبرأ.

ثَلَاث مسَائِل فِيهَا خلاف زفر مَعَ أَصْحَابنَا:

أَولهَا: رجل تبرع بِقَضَاء دين الْمُرْتَهن، ثمَّ هلك الرَّهْن فِي يَد الْمُرْتَهن، يسْتَردّ التَّبَرُّع من الْمُرْتَهن مَا دَفعه.

وَقَالَ زفر رَحمَه الله: يسْتَردّهُ الرَّاهِن.

وَثَانِيها: رجل اشْترى عبدا بِأَلف، فتبرع رجل بِقَضَاء الثّمن، ثمَّ وجد المُشْتَرِي بِهِ عَيْبا فَرده، فالثمن المسترجع من البَائِع للمتبرع.

وَقَالَ زفر رَحمَه الله: للْمُشْتَرِي.

<<  <   >  >>