للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَاب الرَّابِع

فِي قَوَاعِد الْإِمَامَة وَأَحْوَالهَا

أما قواعدها: فَهِيَ أَن السلطنة، والإمامة، والإمارة، أصل عَظِيم فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا خلَافَة الله - تَعَالَى - فِي أرضه، إِذا لم يُخَالف أَمر الله تَعَالَى، وَسنة رَسُوله، وَعدل فِي مَمْلَكَته، ورحم الرعايا.

أما إِذا لم يكن الْأَمِير متصفا بِهَذِهِ الصِّفَات، يكون خَليفَة الشَّيْطَان. فَإِذا خص الله - تَعَالَى - أحدا من عباده بالإمارة من بَين النَّاس، وَأمر وَنهى بَين النَّاس وعظمه الله بقوله تَعَالَى: {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} (النِّسَاء ٥٩) .

وَنفذ أمره على أَمْوَال الْخَلَائق وأنفسهم، يجب على ذَلِك الْأَمِير بعد أَدَاء جَمِيع مَا فَرْضه الله - تَعَالَى - عَلَيْهِ، أَن يعدل بَين النَّاس، وَيحسن إِلَيْهِم، وَيرْفَع منار الشَّرِيعَة وَالدّين، ويتيقن أَن كل ظلم يحصل من يَد أجناده، أَو من يَد الرّعية الَّتِي تَحت يَد الْملك، يكون إثمه عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذا علم وَقدر على مَنعه وَلم يمْنَع.

وَأما إِذا عدل فِي الرّعية، وَحكم بِمُوجب الْكتاب وَالسّنة، يكون ثَوَاب عبَادَة يَوْم من طَاعَته مُقَابلا لثواب جَمِيع عبَادَة رَعيته، أَو أَزِيد مِنْهُ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " عدل سَاعَة خير من عبَادَة سِتِّينَ سنة ".

وَيكون من الَّذين يظلهم الله تَحت ظله.

اعْلَم أَن الْأَمِير لَا يُقيم مصَالح النَّاس، وَلَا يعدل فِي رَعيته، إِلَّا بعد رِعَايَة عشر قَوَاعِد:

الْقَاعِدَة الأولى: أَن كل قَضِيَّة تقع فِي النَّاس يقدر فِي ذَلِك الْقَضِيَّة أَن نَفسه رعية، والأمير غَيره، وكل شَيْء لَا يرضى لنَفسِهِ لَا يرضى لغيره.

<<  <   >  >>