الْبَاب التَّاسِع
فِي تَنْبِيه الْمُجيب من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة مِمَّا جمعه الْمُحَقق أَبُو اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رَحمَه الله
يَنْبَغِي للمفتي أَن يمعن النّظر فِي الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة، فَإِن كَانَت من جنس مَا يفصل فِي جوابها يفصل، وَلَا يُجيب على الْإِطْلَاق، فَإِنَّهُ يكون مخطئا نَحْو مَا إِذا سُئِلَ عَن هرة أخذت فَأْرَة، فَوَقَعَتَا جَمِيعًا فِي الْبِئْر، فَمَاتَتَا جَمِيعًا، أَو مَاتَت إِحْدَاهمَا وَخرجت الْأُخْرَى حَيَّة.
فَإِن أجَاب بنزح كل الْبِئْر، أَو بنزح عشْرين أَو ثَلَاثِينَ، أَو أَرْبَعِينَ، أَو خمسين فقد أَخطَأ.
بل يجب أَن يفصل، وَيبين الشُّرُوط الَّتِي فِيهَا، فَيَقُول: لَو جرحتها الْهِرَّة، نزح مَاء الْبِئْر كُله، وَإِن لم تكن جرحتها، فَإِن مَاتَت الْهِرَّة أَو الْفَأْرَة ن فوظيفة كل وَاحِدَة مَعْلُومَة، فَإِن ماتتا جَمِيعًا، يدْخل أقل المقدارين فِي أكثرهما، فيكتفي بنزح الْأَكْثَر.
وَلَو قيل: خرجتا حيين، فالمسئول يُخطئ فِي الْجَواب إِلَّا أَن يَقُول: إِن كَانَت جرحتها الْهِرَّة، نزح مَاء الْبِئْر كُله، وَإِن لم تكن جرحتها يسْتَحبّ نزح دلاء.
قلت: وَرَأَيْت فِي بعض الْكتب: إِذا وَقعت فِي الْبِئْر من خوف الْهِرَّة، يجب نزح مَاء الْبِئْر كُله، لِأَنَّهَا إِذا فرت من خوف الْهِرَّة، لَا تَخْلُو من نَجَاسَة تنفصل مِنْهَا.
وَإِذا استفتى عَن إِمَام صلى بِقوم رَكْعَة، فأحدث وَتَأَخر، وَقدم رجلا وَالْقَوْم قدمُوا آخر، فَتَقَدما ونويا الْإِمَامَة، فَإِن أجَاب بِصِحَّة صَلَاة كل الْقَوْم أَو فَسَادهَا، أَو تصح صَلَاة الْأَكْثَر دون الْأَقَل، أَو على الْعَكْس، فقد أَخطَأ، لَكِن يَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن كَانَ الإمامان نويا مَعًا، أَو سبقه نِيَّة من قدمه الإِمَام،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute