النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: أَنه خرج من مَكَّة يُرِيد الْمَدِينَة على هَذِه المحجة الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا، وَهُوَ على بغلته الدلْدل، وَلَيْسَ بَين يَدَيْهِ طرد وَلَا دفع وَلَا منع، وَهُوَ يَقُول:" يَا أَيهَا النَّاس رحمكم الله، ليلطف بَعْضكُم على بعض فَإِن الله لطيف بالعباد ".
قَالَ هَارُون: زِدْنِي يَا بهْلُول، قَالَ: نعم يَا هَارُون، حَدثنِي أَحْمد بن وَائِل، عَن معبد العامري، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- يَقُول، وَهُوَ بِعَرَفَات وَبِيَدِهِ قضيبه الممشوق:" من رزقه الله جمالا فِي الدُّنْيَا ومالا، فأتعب جماله فِي طَاعَة الله تَعَالَى، وبذل مَاله فِي مرضاة الله، كَانَ حَقِيقا على الله أَن يسكنهُ فِي ديوَان الْأَبْرَار يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ لَهُ هَارُون: أتأخذ مني جَائِزَة يَا بهْلُول؟ قَالَ: وَالله مَا أرضاها لَك، فَكيف لنَفْسي؟ اصرفها على الَّذِي أَخَذتهَا مِنْهُ، فَهُوَ أَحَق بهَا، قَالَ: فأجري عَلَيْك عطائي من مَالِي يَا بهْلُول، قَالَ: يَا هَارُون، أَلَيْسَ رِزْقِي ورزقك على الله؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: يَا هَارُون فتظن أَنه يذكرك وينساني؟ ثمَّ ركب القصبة وَجعل يكر على الصّبيان ".
حِكَايَة: قيل: لما حج هَارُون الرشيد مَاشِيا فرش لَهُ من الْعرَاق إِلَى الْحجاز اللبود والمرعزي، لِأَنَّهُ قد حلف أَن يحجّ مَاشِيا فاستند يَوْمًا إِلَى ميل من الْحجر - وَقد تَعب تعبا شَدِيدا - فَإِذا سعدون الْمَجْنُون قد غَار مِنْهُ فَأَنْشد شعرًا: // (الهزج) //: