للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأما إِذا لم ينْو:

مِنْهُم من قَالَ: يُفْتِي أَرْبَاب الصَّدقَات بِالْأَدَاءِ ثَانِيًا بَينهم، وَبَين الله تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَا يوضع موضعهَا.

وَقَالَ الْفَقِيه أَو جَعْفَر رَحمَه الله: لَا يُؤمر، لِأَن أَخذ السُّلْطَان مِنْهُم قد صَحَّ، لِأَن ولَايَة الْأَخْذ للسُّلْطَان، فَسقط عَن أَرْبَاب الصَّدقَات، فَبعد ذَلِك إِن لم يضع السُّلْطَان موضعهَا، لَا يبطل بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَخذه عَنْهُم، وَبِه يُفْتِي. وَهَذَا فِي صدقَات الْأَمْوَال الظَّاهِرَة.

أما إِذا أَخذ السُّلْطَان من النَّاس أَمْوَالًا مصادرة، فنووا هَذَا أَدَاء الزَّكَاة إِلَيْهِ، فعلى قَول أُولَئِكَ الْمَشَايِخ يجوز.

وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز، وَبِه يُفْتِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ للطَّالِب ولَايَة الْأَخْذ فِي الْأَمْوَال الْبَاطِنَة، وَبِه نَأْخُذ.

جَاءَ إِلَيّ رجلَيْنِ من أعوان السُّلْطَان، فَأقر عِنْدهمَا أَن لفُلَان على دين كَذَا، وَفُلَان من أنَاس السُّلْطَان، ثمَّ طلب مِنْهُمَا الشَّهَادَة على إِقْرَار هَذَا الْمقر، وَالْمقر يزْعم: أَنِّي إِنَّمَا أَقرَرت خوفًا من الْمقر لَهُ، فَإِن الشَّاهِدين يبحثان عَن هَذَا الْأَمر، فَإِن وَقعا على أَمر فِيهِ خوف، أَو إِكْرَاه امتنعا عَن الشَّهَادَة، لِأَن قَوْله تأيد بمؤيد، وَإِن لم يقعا على ذَلِك، يَشْهَدَانِ على إِقْرَاره، ويخبران القَاضِي أَنه أقرّ وَمَعَهُ أعوان السُّلْطَان، حَتَّى يتأهل القَاضِي قَول الآخر.

وَيقبل شَهَادَة عَامل السُّلْطَان الَّذِي يَأْخُذ الْحُقُوق كالخراج والجزية وَنَحْوهمَا، لِأَن الْعَمَل لَيْسَ بفسق، وَلِهَذَا كَانَ أكَابِر الصَّحَابَة عمالا.

وَفِي " الْكَافِي ": كَانَ هَذَا فِي زمانهم، وَفِي زَمَاننَا لَا تقبل شَهَادَة الْعمَّال، لغَلَبَة ظلمهم.

وَفِي " النِّهَايَة ": لَا تقبل شَهَادَة من يبخل بالواجبات، كَالزَّكَاةِ، وَنَفَقَة الْأَقَارِب، والزوجات.

<<  <   >  >>