للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل مَاتَ فَوهبت لَهُ امْرَأَته مهرهَا، جَازَت الْهِبَة، لِأَن الدّين عَلَيْهِ إِلَى أَن يقْضى، وَلِأَن الْقبُول فِي حَال حَيَاة الْمَدْيُون لَيْسَ بِشَرْط لصِحَّة الْهِبَة، فَكَذَا بعد الْمَوْت.

رجل وهب من رجل ثوبا - وَهُوَ حَاضر - فَقَالَ الْمَوْهُوب لَهُ: قَبضته، هَل يصير قَابِضا؟ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله: صَار قَابِضا.

وَقَالَ ابو يُوسُف رَحمَه الله: لَا، مَا لم يقبض، لِأَنَّهُ غير قَابض حَقِيقَة.

امْرَأَة وهبت مهرهَا الَّذِي لَهَا على زَوجهَا لابنها الصَّغِير من زَوجهَا فَقبل الْأَب، الْمُخْتَار أَنَّهَا لَا تصح، لِأَنَّهَا هبة غير مَقْبُوضَة.

لَهَا على زَوجهَا دين، فَوَهَبته لولدها الصَّغِير، صَحَّ لِأَن هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين يجوز، إِذا كَانَ سلطه على قَبضه.

وَلَو وقف أَرضًا على أَوْلَاده، وَجعل آخِره للْفُقَرَاء، فَمَاتَ بَعضهم يصرف الْوَقْف إِلَى البَاقِينَ، فَإِن مَاتُوا صرف إِلَى الْفُقَرَاء بِخِلَاف مَا لَو وقف على فلَان وَفُلَان - سماهم بعينهم - من أَوْلَاده، وَجعل آخِره للْفُقَرَاء، ثمَّ مَاتَ وَاحِد مِنْهُم، يصرف نصِيبه إِلَى الْفُقَرَاء، لِأَنَّهُ وقف على كل مِنْهُم بِعَيْنِه، فنصيب الْمَيِّت لَا يسْتَحقّهُ الْبَاقُونَ، وَفِي الأول وقف على أَوْلَاده، قل أَو كثر، وَبعد موت بَعضهم، بقى أَوْلَاده، فاستحقه الْبَاقُونَ.

اتخذ لوَلَده الصَّغِير ثيابًا، ثمَّ أَرَادَ أَن يدْفع إِلَى ولد آخر، لَيْسَ لَهُ ذَلِك، إِلَّا أَن يبين وَقت الاتخاذ أَنه عَارِية لَهُ، لِأَن الْمُعْتَبر فِي هَذَا الْبَاب هُوَ الْمُتَعَارف، وَفِي الْمُتَعَارف إِنَّمَا يُرِيدُونَ الصِّلَة وَالْبر، وَلَكِن العواري مُحْتَمل، فَإِن بَين صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ لَو اتخذ لتلميذه ثيابًا، ثمَّ أبقى، فَأَرَادَ أَن يدْفع ذَلِك إِلَى غَيره، فَإِن أَرَادَ الِاحْتِيَاط يبين أَنه عَارِية، حَتَّى لَو أبق أمكنه الدّفع إِلَى تِلْمِيذه

<<  <   >  >>