فَأخذ عمر - رَضِي الله عَنهُ - جُزْءا من الدَّقِيق، وشيئا من السّمن، وَوَضعهمَا فِي الْقدر، وَجعل يُوقد النَّار، فَكلما أَرَادَت النَّار أَن تخمد نفخها، وَكَانَ الرماد يسْقط على وَجهه ومحاسنه، حَتَّى انطبخت الْقدر، فَوضع الطبيخ فِي الْقَصعَة، وَقَالَ للأطفال: كلوا، فَأكلت الْمَرْأَة والأطفال، فَقَالَ: أيتها الْمَرْأَة لَا تدعين على عمر، فَإِنَّهُ لم يكن لَهُ مِنْك وَلَا من أطفالك علم وَلَا خبر ".
وَأول من دعى بأمير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، لِأَن أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ يَدعُوهُ النَّاس بخليفة رَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَلَمَّا وصل الْأَمر إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ، دَعوه بخليفة خَليفَة رَسُول الله، وَكَانَ الْأَمر يطول على الْمُسلمين، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: أَلَسْت أميركم؟ قَالُوا: بلَى، فَقَالَ: سموني أميركم، وَإِن دعوتموني أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي ذَلِك ابْن الْخطاب.
حِكَايَة: كَانَ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز - رَحمَه الله - قحط عَظِيم، فوفد عَلَيْهِ وَفد من الْعَرَب، واختاروا رجلا من الْعَرَب للخطابة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنَّا أَتَيْنَاك من ضَرُورَة عَظِيمَة، وَقد يَبِسَتْ جلودنا على أَجْسَادنَا لفقد الطَّعَام، وَهَذَا المَال لَا يَخْلُو من ثَلَاثَة أَقسَام: إِمَّا أَن يكون لله، أَو لعباد الله، أَو لَك، فَإِن كَانَ لله، فَهُوَ غنى عَنهُ، وَإِن كَانَ لعباد الله تَعَالَى أَو لَك،