اعلم أن التوحيد أعظم النعم وأكبرها، وأنفعها في الدنيا والآخرة، فعلى من أنعم الله عليه به أن يعرف قدر تلك النعمة، ويسعى في حفظها ورعايتها، ودوام الشكر عليها، وأن يجتهد في تقوية توحيده، بملازمة الأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة.
واعلم أن للشهادتين أثراً عظيماً في تهذيب النفوس وتقويم الأخلاق، وتقوية الرابطة الاجتماعية.
فإن في شهادة «لا اله إلا الله» تحرير العقول من الأوهام، وتطهيراً للنفوس من أدران الشرك، وسمُوَّاً بها من حضيض العبودية لغير الله تعالى، ومن الانحطاط إلى رذيلة عبادة الأصنام والحيوان والإنسان. وبها جمعُ القلوب على معبود واحد، وتوجيه الوجوه إلى قبلة واحدة. ولهاذا التوحيد أثره الطيب في جمع القلوب وتعاون بنى الإنسان على الخير والصلاح.
كما أن شهادة «أن محمداً رسول الله»، والإيمان برسالته صلى الله عليه وسلم وكتابه القويم تقوية للأخلاق، وإصلاحاً للنفوس، وأسوة حسنة في جميع الشئون.
فهاتان الكلمتان هما كنز المؤمن ورأس ماله، ومرجع سعادته في الدنيا والآخرة لمن تحقق بمقتضاهما، واستنار بسناهما فيما يلزمه في جانب