للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد إطلاق الإله على الهوى المتبع. قَالَ تَعَالَى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ). [الفرقان ٤٣]

قال ابن عباس: الهوى إله يعبد من دون الله، ثم تلا هذه الآية.

وقيل: (اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) أي أطاع هواه.

وعن الحسن: لا يهوى شيئاً إلا اتبعه، والمعنى واحد. (١).

فدل هاذا: على أن كل من أحب شيئًا وأطاعه، وكان غاية قصده ومطلوبه، ووالى لأجله، وعادى لأجله، فهو عبده، وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.

ويشهد لذلك الحديث الصحيح: عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ وعبدُ الدِّرهمِ وعبدُ الخَميصةِ (٢): إن أعطِيَ رضيَ وإن لم يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وانتَكَسَ (٣)، وإذا شِيكَ فلا انتقَشَ (٤)» (٥).


(١) انظر تفسير القرطبي المسمى الجامع لأحكام القرآن-سورة الفرقان من الآية:٤٣) (ج١٣/ ٣٥)
(٢) الخميصة: الكساء المربع.
(٣) وانتكس: بالمهملة أي عاوده المرض، وقيل: إذا سقط اشتغل بسقطته حتى يسقط أخرى.
(٤) وإذا شيك: أي إذا دخلت فيه شوكة لم يجد من يخرجها بالمنقاش وهو معنى قوله: فلا انتقش، ويحتمل أن يريد لم يقدر الطبيب أن يخرجها، وفيه إشارة إلى الدعاء عليه بما يثبطه عن السعي والحركة، وسوغ الدعاء عليه كونه قصر عمله على جمع الدنيا واشتغل بها عن الذي أمر به من التشاغل بالواجبات والمندوبات، قال الطيبي: وإنما خص انتقاش الشوكة بالذكر لأنه أسهل ما يتصور من المعاونة، فإذا انتفى ذلك الأسهل انتفى ما فوقه بطريق الأولى. انظر الفتح، (١١/ ٣٠٦)
(٥) رواه البخاري في مواضع متعددة: منها في كتاب الجهاد والسير - باب الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّه- (٣/ ٢٩٤) وكتاب الرقاق- باب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَال- (٧/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>