ثانياً: إذا قال قائل: إذاً امنعوها قبل يوم العيد قلنا: نعم لو لم يكن عندنا إلا هذا الحديث لمنعناها ولقلنا إنه لا يجزيء إخراجها قبل العيد لكن قد دلت السنة على أنه يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وقوله: (صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير) إنما نص على ذلك لأنه غالب قوتهم في ذلك العهد إما التمر وإما الشعير وفي حديث أبي سعيد قال: (كان طعامنا يومئذٍ التمر والشعير والزبيب والإقط) ولم يكن البر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كثيراً شائعاً منتشراً وإن كان موجوداً كما يدل عليه حديث الربا فقد قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر) لكنه ليس قوتاً عاماً للناس إنما قوتهم العام هذه الأربعة فقط التمر والزبيب والشعير والإقط فهل المقصود أعيان هذه الأطعمة أو المقصود الجنس؟ المقصود الجنس أى أنه ما كان طعاماً للناس أجزأ فلو فرض أن الناس عدلوا عن الشعير وصاروا لا يقتاتونه ولا يأكلونه وإنما هو للبهائم فإنه لا يجزيء حتى وإن كان مذكوراً في الحديث لأنه إنما ذكر في الحديث بناءاً على أنه طعام الناس أما الآن فلا وكذلك لو أن الناس صاروا يطعمون سوى هذه الأصناف كالرز مثلاً أو الذرة في بعض الأماكن هي طعامهم فإنها تجزيء بل لو فرض أنه في أمة لا يتغذون إلا باللحم فإنه يكون من اللحم.
القارئ: وتجب على المكاتب عن نفسه للخبر ولأنه مسلم تلزمه نفقته فلزمته فطرته كالحر ولا تجب على كافر ولا على أحد بسببه فلو كان للمسلم عبد كافر أو زوجة كافرة لم تجب فطرتهما لقوله (من المسلمين) ولأنها زكاة فلم تلزم الكافر كزكاة المال وتجب على الصغير للخبر والمعنى.
الشيخ: تجب على الصغير لحديث ابن عمر (على الصغير والكبير) وقوله: والمعنى المراد بعض المعنى وليس المعنى كله لأنه في حديث ابن عباس (فرضها النبي صلى الله عليه وسلم طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) أي المعنيين حصل؟ الثاني هو الذي حصل وهو طعمة المساكين.