الشيخ: مثل ذلك لو حج عن أبيه وأمه حجةً واحدة فقال لبيك عن أبي وأمي فإنه لا ينصرف إلى أبيه وأمه بل يكون له لأن النسك الواحد لا يقع عن اثنين.
القارئ: وإن أحرم عن أحدهما لا بعينه احتمل ذلك أيضاً لذلك واحتمل صحته، لأن الإحرام يصح مبهما فصح عن المجهول وله صرفه إلى من شاء منهما فإن لم يصرفه حتى طاف شوطاً لم يجز عن واحدٍ منهما لأن هذا الفعل لا يلحقه فسخ وليس أحدهما أولى به من الآخر وإن أحرم عن أحدهما وعن نفسه انصرف إلى نفسه لأنه لما تعذر وقوعه عنهما كان هو أولى به.
[باب المواقيت]
القارئ: وللحج ميقاتان ميقات مكانٍ وميقات زمان، فأما ميقات المكان فالمنصوص عليه خمسة لما روى ابن عباسٍ قال (وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجدٍ قرنا ولأهل اليمن يلملم قال فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها) متفقٌ عليه، وعن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عرق) رواه أبو داود فهذه المواقيت لكل من مر عليها من أهلها ومن غيرهم للخبر.
الشيخ: المواقيت مأخوذة من الوقت والوقت هو الزمن لكنه غلب على المواقيت المكانية والزمانية هذه المواقيت وقّتها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي متفاوتة في القرب من مكة أبعدها ذو الحليفة وهو ميقات أهل المدينة والحكمة في ذلك والله أعلم أن ميقات أهل المدينة كان قريباً من المدينة من أجل أن تتقارب خصائص الحرمين لأن الناس إذا أحرموا من قرب المدينة صاروا من حين أن ينتهوا من حد حرم المدينة يدخلون في خصائص حرم مكة وأما بقية المواقيت فهي متقاربة.