الشيخ: من عليه فريضة الحج لا يحج عن غيره، ومن عليه فريضة العمرة لا يعتمر عن غيره، فإن خالف فاعتمر عن غيره أو حج عن غيره وهو لم يؤد الفرض مع كونه فرضاً عليه ففيه خلاف فقيل إنه يقع عن نفسه وقيل يقع عمن نواه ثم يؤدي الفريضة بعده، أما من قال إنه يقع عن نفسه فاستدلوا بحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما في قصة شبرمة حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة وأما من قال إنه يقع حسب ما نوى قال لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) وهذا الرجل يلبي من أول إحرامه إلى آخر إحرامه يقول لبيك عن فلان فكيف تقع عن نفسه وهو لم ينو وهذا القول أقيس لا سيما أن الألفاظ في حديث شبرمة مختلفة حتى إنه ليكاد المرء أن يحكم عليها بالاضطراب لكثرة الاختلاف فيها وقوله (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) نصٌ محكم لا إشكال فيه لكنه يأثم إذا أدّى عن غيره قبل أن يؤدي عن نفسه، أما من لم يكن الحج فرضاً عليه كإنسان فقير استنابه غني في حج فهذا لا بأس أن يحج عن غيره وذلك لأن الحج في حقه ليس واجباً عليه، فإذا حج عن غيره وهو لم يحج عن نفسه عجزاً عن الحج فلا بأس.
مسألة: إذا قلنا إنه يقع عن نفسه فإنه يرد النفقة إلى صاحبها.
القارئ: ولو أمر المعضوب من يحج عنه تطوعاً أو نذراً وعليه حجة الإٍسلام انصرف إليها لأن فعل نائبه كفعله وهكذا إن حج عن ميت نذراً لله أو نفلاً قبل حجة الإسلام وإن استنيب عنهما من يحج النذر والفرض في عامٍ واحد صح لأنه لم يتقدّم النذر على حجة الإسلام وأي النائبين أحرم أولاً وقع عن حجة الإسلام لتحريم تقديم النذر عليها وإن استنابه اثنان فأحرم عنهما لم يقع عن واحدٍ منهما ووقع عن نفسه لأنه يتعذر وقوعه عنهما وليس أحدهما أولى به من الآخر.