وقوله: من كل مخرج يعني من البر والتمر والشعير والزبيب والإقط وهنا في كلام حديث أبى سعيد الخدري صاعاً من طعامٍ أو صاعاً من تمر أليس التمر طعاماً؟ كيف أتى بأو؟ الظاهر أنه أتى بأو لوجهين الوجه الأول: أن العلماء قالوا المراد بالطعام هنا البر فيكون المعنى صاعاً من بر أو صاعاً من تمر أو صاعاً شعير أو صاعاً من إقط أو صاعاً من زبيب هذا قول أكثر الذين تكلموا على هذا الحديث وقيل إن الطعام هنا شامل للأربعة التي بعده وأن (أو) هنا للتقسيم أى تقسيم المجمل في كلمة طعام ونظيره قوله في الحديث الصحيح (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك)(فأو) هنا لتقسيم المجمل في قوله (سميت به نفسك) لأن ما أنزله الله في كتابه فقد سمى به نفسه وما علمه أحداً من خلقه فقد سمى به نفسه وما استأثر به في علم الغيب عنده فقد سمى به نفسه وعلى هذا فيكون الطعام هو ما ذكر فيما بعد وهو أربعة ويؤيد ذلك أنه ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بلفظ آخر (كنا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام وكان طعامنا التمر والشعير والزبيب والإقط) وهذا يفسر هذا المجمل الذي بين بالأربعة وهذا الذي أختاره على أن قوله (أو صاعاً من كذا) بعد قوله (صاعاً من طعام) يراد به التقسيم أو بيان المجمل ويدل لذلك أيضاً أن البر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قليل جداً ما كل أحد يطعمه حتى جاءت الفتوحات وكثر الخير فصار البر طعاماً لأكثر الناس ولهذا لما جاء معاوية رضي الله عنه وتولى الخلاف وجاء المدينة قال: (أرى مداً من هذا يساوي مدين أو يعدل مدين من شعير) مما يدل على أن البر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ليس معروفاً ولا شائعاً وبقي أن يقال في وقتنا الحاضر البر طعام والتمر طعام والشعير ليس طعاماً والزبيب ليس طعاماً والإقط كذلك حتى البادية الآن ما تأكل الإقط على