للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل نأخذ بما قال معاوية رضي الله عنه وتبعه الناس على ذلك أو نأخذ بما ذهب إليه أبو سعيد؟ لاشك أن الاحتياط أن نأخذ بما قاله أبو سعيد لأن الظاهر أن التمر والشعير في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام مختلفان في القيمة ولو كان المقصود التقويم لقال: صاعاً من تمر أو ما يعادله من شعير مثلاً فالصواب في هذه المسألة أن ما ذهب إليه أبو سعيد رضي الله عنه وهو وجوب إخراج الصاع أقرب للصواب وأيضاً فيه فائدة عظيمة وهي أن لا يختلف الناس في التقدير ربما يختلف الناس في التقدير فيقول مثلاً: ثلثا صاع من البر يساوي صاعاً من الشعير ويأتي آخر ويقول: لا ربع صاع من البر يساوي صاعاً من الشعير فتختلف الأمة فإذا قلنا: أخرج صاعاً من البر أو التمر أو الشعير أو الزبيب أو الإقط اكتفينا والغريب أن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله اختار ما ذهب إليه معاوية أنه يجزيء في الفطرة نصف صاع من البر.

القارئ: ومن قدر على هذه الأصناف الأربعة لم يجزه غيرها.

الشيخ: المؤلف ذكر أربعة أو خمسة؟ إذا اعتبرنا أن الطعام جنساً مستقلاً صارت خمسة طعام أو تمر أو شعير أو إقط أو زبيب.

القارئ: لأنها المنصوص عليها وأيها أخرج أجزأه سواء كانت قوته أو لم تكن لظاهر الخبر ويجزيء الدقيق والسويق من الحنطة والشعير لقول أبي سعيد: لم نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من دقيق ثم شك فيه سفيان بعد فقال دقيق أو سلت رواه النسائي ولأنه أجزاء الحب يكال ويدخر فأشبه الحب.

الشيخ: وقيل لا يجزيء الدقيق لأن الحب أصبر من الدقيق يعني يبقى مدة ولا يتغير والدقيق يفسد بسرعة لاسيما إذا لم يكن فيه ملح فإنه لا يبقى إلا أياماً قليلة ثم يفسد وأما الحب فلا يفسد وهذا القول أقرب إلى الصواب أن الدقيق لا يجزيء حتى ولو أن الإنسان احتاط وزاد فيه فإنه لا يجزيء لأن الحب أصبر وأبقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>