الصوم له تطوع وهو ماعدا صوم رمضان فكله تطوع وهو سنة وسيأتي إن شاء الله تفصيله واستدل المؤلف بهذا بالحديث القدسي وهو قوله تبارك وتعالى (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) كل عمل ابن آدم له فسر بلفظٍ آخر (الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) أي أجزي بدون حساب إذا كانت الأعمال الحسنة بعشرة أمثالها فهذا الحسنة بثوابٍ لا يعلمه إلا الله ثوابٍ على الله تعالى هو يجزي به وما أعظم الثواب إذا كان من أكرم الأكرمين سبحانة وتعالى وقوله (فإنه لي) إذا قال قائل وبقية العبادات لمن؟ لله فكيف قال لي؟ نقول لأن الصوم أخلص ما يكون في العبادات إذ أنه سرٌ بين العبد وبين ربه يكون عندك في المجلس عشرة رجال منهم رجلٌ صائم لا تدري هل هو صائم أم لا؟ لكن الله يدري والصلاة لا يمكن أن يقوم الإنسان بتطوع إلا وهو يشاهد لأنها أفعال وأقوال وكذلك الصدقة وكذلك الحج وبقية الأعمال لا بد أن ترى ولكن الصيام سرٌ بين العبد وبين ربه فهو أعظم ما يكون إخلاصه فإذا كان خالصاً لله ما فيه رياء كما قال بعض السلف الصيام لا رياء فيه لأنه أمرٌ خفي إلا إن تسلط الإنسان على نفسه وقال للناس أنا أصوم أصوم يوم وراء يوم هذا صار فيه رياء لكن إذا كان بينه وبين ربه كان لا رياء فيه لأنه لا يرى وقوله (الصيام جُنة) الجُنة بضم الجيم ما يستتر به عن الأعداء وهي مثل التُرس والتُرس مثل الطشت والطشت مثل الصحن هذه يأخذها المقاتل إذا أحد أهوى إليه بسيفٍ أو بسهم جعل هذا بينه وبين ما أهوي به عليه فهو جُنة يقي فكيف كان الصوم جُنة؟ نقول هو جُنةٌ للمتقين من الأعمال السيئة لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل له والجهل فليس لله حاجة في أن يدع